للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثمَّ صَارُوا قَاصِدين دَار إِسْحَاق سكية وَلما سمع بقدومهم احتشد أُمَم السودَان وقبائلها وقبائل الملثمين المهادنين لَهُم وَخرج من مَدِينَة كاغو يجر الشوك والمدر يُقَال إِنَّه جمع مائَة ألف مقَاتل وَأَرْبَعَة آلَاف مقَاتل

وَقَالَ الفشتالي وَلم يقنع بالجيوش الَّتِي جمع حَتَّى أضَاف إِلَيْهَا أَشْيَاخ السَّحَرَة وَأهل النفث فِي العقد وأرباب العزائم والسيمياء ظنا مِنْهُ أَن ذَلِك يُغْنِيه شَيْئا وهيهات وَيرْحَم الله أَبَا تَمام إِذْ قَالَ فِيمَا يقرب من هَذَا الْحَال

(السَّيْف أصدق إنباء من الْكتب ... فِي حَده الْحَد بَين الْجد واللعب)

(بيض الصفائح لَا سود الصحائف فِي ... متونهن جلاء الشَّك والريب)

(وَالْعلم فِي شهب الأرماح لامعة ... بَين الخميسين لَا فِي السَّبْعَة الشهب)

(أَيْن الرِّوَايَة بل أَيْن النُّجُوم وَمَا ... صاغوه من زخرف فِيهَا وَمن كذب)

(تخرصا وأحاديثا ملفقة ... لَيست بنبع إِذا عدت وَلَا غرب)

وَلما تقَارب الْجَمْعَانِ عبأ الباشا جؤذر عساكره وَتقدم للحرب فدارت بهم عَسَاكِر السودَان من كل جِهَة وعقلوا أَرجُلهم مَعَ الْإِبِل وصبروا مَعَ الضُّحَى إِلَى الْعَصْر وَكَانَت سِلَاحهمْ إِنَّمَا هِيَ الحرشان الصغار والرماح وَالسُّيُوف وَلم تكن عِنْدهم هَذِه المدافع فَلم تغن حرشانهم ورماحهم مَعَ البارود شَيْئا وَلما كَانَ آخر النَّهَار هبت ريح النَّصْر وَانْهَزَمَ السودَان فَوَلوا الأدبار وَحقّ عَلَيْهِم الْبَوَار وحكمت فِي رقابهم سيوف جؤذر وجنده حَتَّى كَانَ السودَان ينادون نَحن مُسلمُونَ نَحن إخْوَانكُمْ فِي الدّين وَالسُّيُوف عاملة فيهم وجند جؤذر يقتلُون ويسلبون فِي كل وَجه وفر إِسْحَاق فِي شرذمة من قومه وَلم يدْخل قلعة ملكه وَتقدم جؤذر فَدَخلَهَا واحتوى على مَا فِيهَا من الْأَمْوَال وَالْمَتَاع وَكَانَ ذَلِك منتصف جُمَادَى الأولى من سنة تسع وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة وَيُقَال إِن جؤذرا لم يدْخل مَدِينَة كاغو وَإِنَّمَا تحصن بهَا إِسْحَاق فحاصره جؤذر فِيهَا وَكتب إِلَى الْمَنْصُور بِخَبَر الْفَتْح وَبعث إِلَيْهِ بهدية فِيهَا عشرَة آلَاف مِثْقَال ذَهَبا ومائتان من خِيَار الرَّقِيق وَغير ذَلِك وامتدت العساكر المنصورة فِي بِلَاد آل سكية تعيث وتفسد وَتَسْبِي وتغنم إِلَى أَن راسل إِسْحَاق الباشا جؤذرا فِي تَقْرِير الصُّلْح على مَال معِين يَدْفَعهُ الْآن وضريبة يُؤَدِّيهَا كل سنة

<<  <  ج: ص:  >  >>