للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَمَّا وصل صدر الدّين دفع فِي صدر نشاطه وَقبض بِمَا جَاءَ فِيهِ من الْأَمر المطاع على يَد انبساطه وَذكر أَنه مَأْمُور بِمَا يرَاهُ من مصلحَة الْمُصَالحَة وسد عزم بَاب الْفَتْح بِمَا عزم عَلَيْهِ من المفاتحة فَقرب الْخَادِم من الْموصل ليقرب مَسَافَة التَّوَسُّط وليأخذ فِي اظهار الْحجَّة على الْقَوْم من معاندة الْحق والمواربة عَنهُ بالاحوط وَترك الْقِتَال ارتساما للامر واحتراما للشهر واتباعا للاشارة الصدرية وَبقيت رسلهم مترددة فِي كل يَوْم بمطالب لم تخطر من قبل ببالهم وَلم يدر أيسرها فِي امالهم فَمَا زَالَت تستنزله من مطلب بعد مطلب وتسلك بِهِ فِي مَذْهَب بعد مَذْهَب حَتَّى نزل بِحكمِهِ على اغراضهم المشتطه فاستقالوا بهَا من العثرة واستقلوا من السقطة وطالت مُوَاصلَة المواصلة بالمخادعات ورقت الْحَال بهم عَن الشفاعات والضراعات إِلَى المدافعات وهم فِي اثناء ذَلِك يراسلون الجوانب ويواصلون الاجانب ويتوسلون بالاكابر والاصاغر وَيلبسُونَ من بواطنهم من الْخلاف خلاف مَا لبسوه بل لبسوه فِي الظَّوَاهِر ويشيعون حَدِيث الصُّلْح حَتَّى يخافهم من نِيَّته الِاعْتِصَام بالخادم ويسعون بِكُل فن فِي استفساد النيات وتغيير العزائم حَتَّى انْتَهَت مطالبهم وانتبهت مطامعهم ووعت حَدِيث من يعزهم من رسل الاطراف الجبلية مسامعهم

دخل صدر الدّين إِلَى الْموصل لاحلافهم على مَا اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ خَاتِمَة الْحَال فَيعرف انه كَانَ محالا مِنْهُم على الْمحَال فنفض يَده من صَلَاحهمْ وانفض رجاؤه من فلاحهم وَعلم ان جنَاح جناحهم اخفى وَجه نجاحهم وعثر على اتضاحهم فِي افتضاحهم وَعَاد مِنْهُم وهم على عَادَتهم العادية واطماعهم المتمادية وَقد اعتزوا بِمن يعدهم ويمينهم وَمَا يعدهم الشَّيْطَان إِلَّا غرُورًا والآن فَلم يتْركُوا بَينهم وَبَين الْخَادِم طَرِيقا للصلح وَالصَّلَاح معمورا وَقد ترك الْموصل فِي العاجل اكراما للشفاعة والتزاما للتباعة واشتغل بسنجار لينظمها فِي السلك ويضيفها إِلَى بِلَاده الدَّاخِلَة فِي منشور الْولَايَة وَالْملك فقد كَانَ عَسْكَر سنجار مُدَّة مقَامه على الْموصل يواصل قطع السَّبِيل وَيمْنَع السابلة من جلب الْميرَة فِي الْكثير والقليل واذا فتحت زَالَت المخاوف وَدنت الْمَقَاصِد والمقاطف والعزم مصمم على انه لَا يُفَارق هَذِه الْبِلَاد بِمَشِيئَة الله وعونه حَتَّى يستوعبها فتحا ويطلع بهَا على غب ظلام الظُّلم من الْعدْل صبحا وَيُعِيد الْكَلِمَة الاسلامية وَاحِدَة ويخرس أَلسنا للنعمة الامامية جاحدة

<<  <  ج: ص:  >  >>