للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَشَارَ بِهِ على الحكم فاستدعاه فَمر فِي طَرِيقه بعابد كَانَ لَهُ صديقا فَأخذ مَعَه فِي أمره فَقَالَ لَهُ العابد اصدقني فِي ثَلَاثَة أَسأَلك عَنْهَا كَيفَ مدح النَّاس وذمهم من قَلْبك وَكَيف حبك فِي أَن يخدمك الفتيان وتكثر بَين يَديك الألوان وَكَيف حبك للباس الْحسن وركوب الفاره فَقَالَ ابْن بشير أما مدح النَّاس وذمهم فَمَا أُبَالِي من مدحني أَو ذمني فِي الله عز وَجل وَأما أَن تخدمني الفتيان وتكثر بَين يَدي الألوان فَمَا أجد قلبِي يتوق إِلَى ذَلِك وَلَا يشتهيه وَأما الرّكُوب واللباس فَمَا أفضل على ملبسي ومركوبي شَيْئا سواهُ أبدا قَالَ فاقبل الْقَضَاء وَلَا بَأْس عَلَيْك فَلَمَّا وصل قبل الْقَضَاء على ثَلَاثَة شُرُوط نَفاذ الحكم على كل أحد وَإِذا ظهر لَهُ الْعَجز من نَفسه أعفى وَأَن يكون رزقه من الْفَيْء وَكَانَ يدْخل الْمَسْجِد وَعَلِيهِ رِدَاء معصفر وحذاء صرار ولمة مسرحة مدهونة فيخطب على الْمِنْبَر فَإِذا رام أحد من دينه شَعْرَة فالثريا أقرب إِلَيْهِ وَكَانَ لَا يجالسه أحد إِذا قعد للْقَضَاء وَلَا يكالمه وَلَا يسايره وَلَا يَخْلُو بِهِ فِي دَاره وَله طوابع من وقف عَلَيْهَا بَادر إِلَى مجْلِس الحكم وَاحْتَاجَ سعيد الْخَيْر بن عبد الرَّحْمَن الدَّاخِل إِلَى شَهَادَة سُلْطَان الأندلس الحكم وَهُوَ ابْن أَخِيه فَردهَا القَاضِي فَركب إِلَى ابْن أَخِيه وَقَالَ الْيَوْم ذهب سلطاننا من الأندلس قاضيك الَّذِي وليته يرد شهاتك فَقَالَ القَاضِي رجل صَالح فعل مَا يجب عَلَيْهِ وَلست اعارضه

أول سجل سجل بِهِ على الْوَزير الَّذِي سعى فِي ولَايَته فَشَكَاهُ إِلَى الحكم فَقَالَ لَهُ أَنْت اخترته وَلَكِن امْضِ إِلَيْهِ فِي منزله فَإِن أوصلك إِلَى نَفسه وَخرج إِلَيْك فقد جعلت عَزله بِيَدِك فَلَمَّا اسْتَأْذن عَلَيْهِ خرج إِذن القَاضِي بِأَن يصل إِلَى مجْلِس الحكم وَرجع الْوَزير خائباً فَأرْسل لَهُ وَالله لأطلبن دمك فَكَانَ جَوَاب القَاضِي أما أَنا فلست أَقتلهُ إِلَّا بقلمي فَزَاد غِبْطَة عِنْد الحكم وَكَانَ بَقِي بن مخلد يثني عَلَيْهِ وَيَقُول لَهُ فِي قَضَاهُ حقائق لَا يقارن فِيهَا إِلَّا بِمن تقدم من صدر هَذِه الْأمة واستحقت

<<  <  ج: ص:  >  >>