للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٠٤ - الْكَاتِب أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مُسلم الداني

من الذَّخِيرَة آيَة الزَّمن وَنِهَايَة الفطنة واللسَن نفثَ بِالسحرِ واغترف من الْبَحْر ونظم الدراري بَدَلا من الدُّر وَمِمَّا أوردهُ من نثره قَوْله من رِسَالَة خَاطب بهَا صَاحب ميروقة

إِن أغْبَبْتُ على بعد الديار مُكَاتَبَتك وأقْلَلْت مَعَ شحط المزار مخاطبتك فَإِنِّي أكاتبك بِلِسَان وداد وأناجيك بخلوص الْفُؤَاد وَإِنَّمَا يتخاطب أهل بُعْد الْمَكَان ويتكاتب ذَوُو النأْي عَن العِيان وَأَنت فِي الضَّمِير ماثل فَمَا تزيد الرسائل وَبَين الجفون جائل فَمَا تفِيد الْوَسَائِل لَكِن الْعين لَا تَبرأ من الأرق حَتَّى تُطبق جفنيها على الحَدَق وَالنَّفس لَا تهدأ من القلق حَتَّى تجمع شَطْرَيْها إِلَى أُفق فَلهَذَا يجب على الصّديق تَأْكِيد الْعَهْد وَلَو بإهداء السَّلَام إِذا لم يستطل على الْإِلْمَام وتجديد الود وَلَو بِالْكتاب فَإِنَّهُ قد يُغني عَن الْخطاب لَكِن قد يَأْتِي من عوائق الزَّمَان وعوارض الحدَثان مَا يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه حَتَّى يسهو فِي الصَّلَاة وَهُوَ بَين يَدي ربه

وَمن المسهب كَاتب بليغ الْكِتَابَة كثير الْإِصَابَة وَأنْشد لَهُ ... أما ترى الصُّبْح أقبَلْ ... فالكأسُ لِمْ لَا تُعَجَّلْ

هَات المدامَ دِراكاً ... فإنني لسْتُ أُمْهَلْ

مَا الْعَيْش إِلَّا مُدَامٌ ... ومَنظَرٌ ومُقَبَّلْ

وهاكها طوعَ ملكي ... فكلَّ مَا شِئْت أفعل ...

<<  <  ج: ص:  >  >>