للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْهُم امْرَأَة من نَاس يُقَال لَهُم بَنو الْحداد ثمَّ انْتقل إِلَى قَرْيَة الذِّرَاع الْمَعْرُوفَة بِبَلَد صهْبَان وَتُوفِّي بهَا وَترك وَلَده داؤد الْمَذْكُور فَكَانَ مُبَارَكًا يعْمل بِيَدِهِ فِي الْحَرْث فَحدث لَهُ هَذَا الْوَلَد الصَّالح وَهُوَ الْحَاج شمس الدّين فَتوفي وَالِده وَتَركه ووالدته فَنَشَأَ هَذَا الْحَاج شمس الدّين حراثا وحدادا فحكي عَنهُ مَا تَوَاتر وَكَانَ السَّبَب لصلاحه أَنه قَالَ ذهبت إِلَى بعض الْقرى لآخذ شَيْئا من الطَّعَام أُجْرَة لعملي بشغل الْحَدِيد لبَعض الحراثين وأعطتني والدتي قرصين من الطَّعَام ودابة تحمل ذَلِك الطَّعَام فَلَمَّا كنت فِي أثْنَاء الطَّرِيق سَمِعت صَوتا ضَعِيفا فتبعت الصَّوْت فَنَظَرت رجلا مجذوما وقيحه وصديده يسيل عَلَيْهِ فَقلت مَا حَاجَتك فَقَالَ أُرِيد مَاء أشربه فَجِئْته بِمَاء وسقيته مِنْهُ وَأَطْعَمته من الزَّاد الَّذِي معي فَدَعَا لي فَلَمَّا فرغ من الْأكل هَمَمْت بالانصراف من عِنْده فَوجدت الْمَطَر مُقبلا إِلَيْنَا ففرشت إزَارِي فَوق ظهر حماري وحملت الرجل عَلَيْهِ وَكَانَ قيحه وصديده يسيل على إزَارِي وعَلى ظهر الْحمار فوصلت بِهِ إِلَى مَكَان يكنه من الْمَطَر فتركته ثمَّ انصرفت لحاجتي فَقلت فِي نَفسِي لَعَلَّ يَأْتِي بعض السبَاع فيأكل هَذَا المجذوم فَرَجَعت إِلَى ذَلِك الْمَكَان لأحمله إِلَى مَكَان آخر فَلم أَجِدهُ فتعجبت من ذَلِك ثمَّ ذهبت إِلَى بَيْتِي فَكَانَ كل من لَقِيَنِي قَالَ لي أَمَعَك مسك فَإنَّا نجد رِيحه مَعَك وَلم يكن معي شَيْء مِنْهُ فَذَهَبت بيتنا لأغسل ثِيَابِي من الْقَيْح والصديد الَّذِي وَقع بهَا من ذَلِك المجذوم فَلم نجد شَيْئا سوى رَائِحَة الْمسك فِيهَا فكتمت أَمْرِي ووقفت مُدَّة فِي بَيْتِي فَخرجت فِي بعض اللَّيَالِي إِلَى بعض الْمَسَاجِد فَنَظَرت جمَاعَة بهيئة حَسَنَة لم أعرفهم فَذَهَبت عَنْهُم فَجَاءَنِي بَعضهم وَقَالَ سلم على هَؤُلَاءِ فَسلمت عَلَيْهِم من غير أَن أتحقق حَالهم وهم قريب مَسْجِد قد عَرفته وَلَهُم هَيْئَة حَسَنَة انْتهى كَلَامه

ثمَّ قَالَ وَلَده الْحَاج جمال الدّين ثمَّ أَقَامَ وَالِدي بعد ذَلِك أَيَّامًا مُجْتَهدا بِالْعبَادَة ثمَّ سَافر إِلَى مَكَّة المشرفة لِلْحَجِّ إِلَى بَيت الله الْحَرَام على طَرِيق ذمار وَصَنْعَاء هُوَ ورفقته

<<  <   >  >>