للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَنْهَا فَخرج مغضبا فناداه عمر فَظن أَنه قد بدا لَهُ فِي قَضَاء حَاجته فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا خَالِد فَرجع إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ إِذا رَأَيْت شَيْئا من الدُّنْيَا فأعجبك فاذكر الْمَوْت فَإِنَّهُ يقلله فِي نَفسك وَإِذا كنت فِي شَيْء من أَمر الدُّنْيَا قد غمك وَنزل بك فاذكر الْمَوْت فَإِنَّهُ يسهله عَلَيْك وَهَذَا أفضل من الَّذِي طلبت

إنذار عمر ملك الرّوم ليرسل إِلَيْهِ رجلا من الْمُسلمين وَمَا فعله ملك الرّوم حِين بلغه نعي عمر

قَالَ وَأرْسل عمر بن عبد الْعَزِيز إِلَى صَاحب الرّوم رَسُولا فَأَتَاهُ وَخرج من عِنْده يَدُور فَمر بِموضع فَسمع فِيهِ رجلا يقْرَأ الْقُرْآن ويطحن فَأَتَاهُ فَسلم عَلَيْهِ فَلم يرد عَلَيْهِ السَّلَام مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا ثمَّ سلم عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ وأنى بِالسَّلَامِ فِي هَذَا الْبَلَد فَأعلمهُ أَنه رَسُول عمر إِلَى صَاحب الرّوم فَقَالَ لَهُ مَا شَأْنك فَقَالَ إِنِّي أسرت من مَوضِع كذاوكذا فَأتي بِي إِلَى صَاحب الرّوم فَعرض عَليّ النَّصْرَانِيَّة فأبيت فَقَالَ لي إِن لم تفعل سملت عَيْنَيْك فاخترت ديني على بَصرِي فسمل عَيْني وصيرني إِلَى هَذَا الْموضع يُرْسل إِلَيّ كل يَوْم بحنطة فأطحنها وبخبزه فآكلها فَلَمَّا سَار الرَّسُول إِلَى عمر بن عبد الْعَزِيز فَأخْبرهُ خبر الرجل قَالَ فَمَا فرغت من الْخَبَر حَتَّى رَأَيْت دموع عمر قد بلت مَا بَين يَدَيْهِ ثمَّ أَمر فَكتب إِلَى صَاحب الرّوم أما بعد فقد بَلغنِي خبر فلَان بن فلَان فوصف لَهُ صفته وَأَنا أقسم بِاللَّه لَئِن لم ترسله إِلَيّ لَأَبْعَثَن إِلَيْك من الْجنُود جُنُودا يكون أَولهَا عنْدك وَآخرهمْ عِنْدِي فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهِ الرَّسُول قَالَ مَا أسْرع مَا رجعت فَدفع إِلَيْهِ كتاب عمر بن عبد الْعَزِيز فَلَمَّا قَرَأَهُ قَالَ مَا كُنَّا لنحمل الرجل الصَّالح على هَذَا بل نبعث إِلَيْهِ بِهِ فأقمت أنْتَظر مَتى يخرج بِهِ فَأَتَيْته ذَات يَوْم فَإِذا هُوَ قَاعد قد نزل عَن سَرِيره أعرف فِيهِ الكآبة فَقَالَ تَدْرِي

<<  <   >  >>