للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي سادس الْمحرم: رسم للأمير جمال الدّين آقوش الأشرفي الْمَعْرُوف بنائب الكرك بنيابة طرابلس بعد موت قرطاي وخلع عَلَيْهِ فِي تاسعه وسافر فِي تَاسِع عشره. وَكَانَ ذَلِك لأمور: مِنْهَا صحبته مَعَ الْأَمِير ألماس الْحَاجِب وَمِنْهَا ثقله على السُّلْطَان فَإِن السُّلْطَان كَانَ يجله ويحترمه وَيقوم لَهُ كلما دخل إِلَى الْخدمَة وَمِنْهَا معارضته للسُّلْطَان فِي أغراضه لاسيما فِي أَمر النشو فَإِنَّهُ كَانَ يبلغ السُّلْطَان كَثْرَة ظلمه وقبح سيرته فِي النَّاس. فَأَرَادَ السُّلْطَان أَن يستريح مِنْهُ فَخلع عَلَيْهِ وَبعث لَهُ بِأَلف دِينَار وَأخرج برسبغا مُسْفِرًا لَهُ على الْعَادة. فَلَمَّا وصل برسبغا بِهِ إِلَى طرابلس وَعَاد خلع السُّلْطَان عَلَيْهِ وَاسْتقر حاجباً صَغِيرا. وَفِيه خلع على الْأَمِير مَسْعُود بن خطير وَاسْتقر حاجباً كَبِيرا عوضا عَن الْأَمِير ألماس. وَفِي يَوْم الْخَمِيس ثَانِي شعْبَان: اسْتَقر أيدكين الأزكشي البريدي فِي ولَايَة الْقَاهِرَة عوضا عَن نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن المحسني بسفارة النشو. فعظمت مهابته وكبس عدَّة بيُوت من بيُوت النَّاس صَار يتنكر فِي اللَّيْل وَيَمْشي فِي أَزِقَّة الْقَاهِرَة فَإِذا سمع صَوت غناء أَو ريح خمر فِي بَيت كبسه وَأخذ من أَهله مَالا كثيرا بِحَسب حَالهم. واعتنى بِهِ النشو ومكنه من عمل أغراضه فنال بِهِ مَقَاصِد كَثِيرَة. مِنْهَا أَن بعض تجار قيسارية جهاركس بِالْقَاهِرَةِ تَأَخّر لَهُ فِي الخزانة السُّلْطَانِيَّة عَن ثمن مَبِيع نَحْو تسعين ألف دِرْهَم. وألح على النشو فِي الْمُطَالبَة بهَا مَعَ كَثْرَة انهماكه فِي اللَّهْو فَقَبضهُ أيدكين وَهُوَ غير حَاضر الذِّهْن وسجنه فِي دَار الْولَايَة واستدعى بالعدول ليكتب عَلَيْهِ مشروحاً بِأَنَّهُ سَكرَان ويشهره فَافْتدى مِنْهُ بِأَن أشهد عَلَيْهِ أَنه أبر بَيت المَال مِمَّا لَهُ عَلَيْهِ موقع هَذَا الْإِبْرَاء من النشو وَمن السُّلْطَان بمَكَان وَلما شنع أَمر أيدكين شكاه الْأَمِير قوصون إِلَى السُّلْطَان فَتغير السُّلْطَان على قوصون وَقَالَ لَهُ: أَنْتُم كلما وليت أحدا يَنْفَعنِي أردتم إِخْرَاجه وَلَو أَنه من جهتكم لشكرتم مِنْهُ كل وَقت وأسمعه مَعَ ذَلِك مَا يكره. ثمَّ أضيفت إِلَيْهِ ولَايَة مصر وَفِي يَوْم الْأَحَد عشرى ذِي الْحجَّة: قدم الْأَمِير مهنا بن عِيسَى وَسبب قدومه

<<  <  ج: ص:  >  >>