للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولبست المماليك السُّلْطَانِيَّة السِّلَاح بالقلعة وكسروا الزردخاناه. وَقد امْتَلَأت الرميلة بالعامة وصاحوا: يَا ناصرية فأجابهم المماليك من القلعة. ثمَّ رجعُوا إِلَى بَاب إصطبل قوصون وهجموا عَلَيْهِ وكسروا من كَانَ يرجمهم من أَعْلَاهُ. فَبلغ ذَلِك قوصون فَعَاد بِمن مَعَه من الْأُمَرَاء فأوقعوا بالعامة حَتَّى وصلوا إِلَى سور القلعة فَرَمَاهُمْ المماليك السُّلْطَانِيَّة بالنشاب لحماية الْعَامَّة. فَقتل أَمِير مَحْمُود صهر الْأَمِير جنكلي بن البابا بِسَهْم وَقتل مَعَه أخر. وَوصل الْأُمَرَاء إِلَى إصطبل قوصون وَقد بَدَأَ النهب فِيهِ فَقتلُوا من الْعَامَّة جمَاعَة كَبِيرَة وقبضوا على جمَاعَة. فَلم تطق المماليك السُّلْطَانِيَّة مقاومة الْأُمَرَاء وَكفوا عَن الْحَرْب وفتحوا بَاب القلعة. فطلع إِلَيْهَا الْأَمِير برسبغا الْحَاجِب وَأنزل ثَمَانِيَة من أَعْيَان المماليك إِلَى قوصون وَقد وقف بِجَانِب زَاوِيَة تَقِيّ الدّين رَجَب تَحت القلعة. فوسط قوصون وَاحِدًا مِنْهُم اسْمه صربغا فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي فتح خَزَائِن السِّلَاح وألبس المماليك وَأمر بِهِ قوصون فعلق على بَاب زويلة وشفع الْأُمَرَاء فِي الْبَقِيَّة فسجنوا بخزانة شمايل مقيدين. ورسم بتسمير عدَّة من الْعَامَّة فسمر مِنْهُم تِسْعَة على بَاب زويلة وَأمر بالركوب على الْعَامَّة وقبضهم فَفرُّوا حَتَّى لم يقبض مِنْهُم على حرفوش وَاحِد. ثمَّ طلع الْأَمِير قوصون إِلَى القلعة قريب الْعَصْر وَمد لَهُ وللأمراء سماط فَأَكَلُوا. وَبقيت الأطلاب وأجناد الْحلقَة تَحت القلعة إِلَى أخر النَّهَار فَكَانَ يَوْمًا مشهوداً وَكَانَت جملَة من قتل فِيهِ من الفئتين ثَمَانِيَة وَخمسين رجلا. وَفِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء: طلع الْأَمِير برسبغا فِي جمَاعَة إِلَى طباق المماليك بالقلعة وقبضوا على مائَة مَمْلُوك مِنْهُم وَعمِلُوا فِي الْحَدِيد وسجنوا بخزانة شمايل فَمنهمْ من قتل وَمِنْهُم من نفي من مصر. وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء تَاسِع عشره: سمر تِسْعَة من الْعَوام. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء عشريه: سمر ثَلَاثَة من الطواشية على بَاب زويلة فِي عدَّة من الحرافيش. وَسبب ذَلِك أَن قوصون لما نزل من القلعة وَمضى إِلَى قبَّة النَّصْر وقابلته المماليك أخذت الطواشية فِي الصياح على نِسَائِهِ وأفحشوا فِي سبهن. فَمَاتَ أحدهم تَحت الْعقُوبَة وَأَفْرج عَن الْإِثْنَيْنِ. وَفِيه عرضت مماليك الطباق وأنعم على مِائَتي مَمْلُوك مِنْهُم بإقطاعات كَثِيرَة المتحصل وَعين جمَاعَة مِنْهُم للإمريات. وَأكْثر قوصون من الْإِحْسَان إِلَيْهِم والإنعام عَلَيْهِم. وَفِيه قدم الْبَرِيد من دمشق بكتب أَحْمد ابْن السُّلْطَان إِلَى نَائِب الشَّام وَهِي مختومة لم

<<  <  ج: ص:  >  >>