للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يلبغا الناصري لما بلغه من فعلهم بالْأَمْس فرجمهم الْعَامَّة بِالْحِجَارَةِ فَرَمَاهُمْ المماليك بالنشاب وَقتلُوا مِنْهُم عدَّة تزيد على الْعشْرَة. وَأَقْبَلت طَلِيعَة الناصري فَقَاتلهُمْ قجماس ابْن عَم السُّلْطَان وَكثر الرَّمْي عَلَيْهِم من فَوق القلعة بِالسِّهَامِ والنفط وَالْحِجَارَة فِي المقاليع وهم يوالون الْكر والفر وَأمر السُّلْطَان فِي إدبار وَأَصْحَابه تتفرق عَنهُ شَيْئا بعد شَيْء وَتصير إِلَى الناصري. وَكَانَ السُّلْطَان قد فرق فِي كل من الْأُمَرَاء الْكِبَار عشرَة آلَاف دِينَار وَفِي كل من الطبلخاناه خَمْسَة آلَاف دِينَار وَفِي كل من العشراوات ألف دِينَار وَأعْطى الْأَمِير قرا دمرداش فِي لَيْلَة وَاحِدَة ثَلَاثِينَ ألف دِينَار وحلفهم أَلا يغدروا بِهِ فَمَا أغْنى عَنهُ ذَلِك شَيْئا وفروا عَنهُ وصاروا مَعَ عدوه عَلَيْهِ وَلم يتَأَخَّر عِنْده إِلَّا من لَا غنى فِيهِ. وتكاثر الزعر يُرِيدُونَ نهب الْقَاهِرَة لِكَثْرَة مَا كَانَ فِيهَا من حواصل الْأُمَرَاء فَقَاتلهُمْ أهل الحارات والدروب ومنعوهم فَكَانَ يَوْمًا فِي غَايَة الشناعة. فَلَمَّا كَانَ أخر النَّهَار أَرَادَ السُّلْطَان أَن يسلم نَفسه فَمَنعه من بَقِي عِنْده وهم قجماس ابْن عَمه وسودن النَّائِب وسودن الطرنطاي ومحمود الأستادار وَبَعض المماليك وَقَالُوا: نَحن نُقَاتِل بَين يَديك حَتَّى نموت. فَلم يَثِق بذلك مِنْهُم لكنه شكرهم على قَوْلهم. وَقدم بعد الْعَصْر من عَسْكَر الناصري الطواشي طُقْطاي الطَشْتُمري والأمير بزلار الْعمريّ والأمير ألطنبغا الأشرفي فِي نَحْو الْألف وَخَمْسمِائة فَارس يُرِيدُونَ القلعة فبرز إِلَيْهِم الْأَمِير بُطا الخاصكي والأمير شكربيه فِي عشْرين فَارِسًا فكسروهم إِلَى قبَّة النَّصْر. فَلم يغتر السُّلْطَان بذلك وَعلم أَن أمره قد زَالَ فدبر لنَفسِهِ وَبعث الْأَمِير الْمَعْرُوف بسيدي أَبُو بكر بن سُنقر الْحَاجِب والأمير بَيْدَمُر المجدي - شاد الْقصر - بالمنجاة إِلَى الناصري ليَأْخُذ لَهُ مِنْهُ الْأمان فَسَارُوا فِي خُفْيَة واجتمعا بالناصري خلْوَة فَأَمنهُ على نَفسه وَأمره بالاختفاء حَتَّى يدبر لَهُ أمرا فَإِن الْفِتْنَة الْآن قَائِمَة والكلمة غير متفقة فعادا إِلَيْهِ بذلك. فَلَمَّا صلى الْعشَاء الْآخِرَة قَامَ الْخَلِيفَة إِلَى منزله بالقلعة وبقى فِي قَلِيل من أَصْحَابه فَأذن لسودن النَّائِب فِي التَّوَجُّه إِلَى منزله وَالنَّظَر لنَفسِهِ وَفرق الْبَقِيَّة فَمضى كل أحد لسبيله. وَاسْتقر حَتَّى نزل من الإسطبل فَلم يعرف لَهُ خبر وانفض ذَلِك الْجمع من الأسوار وَسكن دق الكوسات وَرمى مدافع النفط. وَوَقع النهب فِي حواصل الإسطبل فاً خُذُوا مِنْهُ نَحْو الألفي أردب من الشّعير ومائتي ألف دِرْهَم من الْفُلُوس الجدد وَسَائِر مَا كَانَ فِيهِ. ونهبوا أَيْضا مَا كَانَ فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>