للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَرحا فَلَمَّا قرب من مَدِينَة الْملك أركب الْملك الْمَنْصُور كَهَيْئَته فِي مَمْلَكَته وَسَار فِي العساكر بِهِ حَتَّى دخل الْمَدِينَة فأنزله وأخاه مُحَمَّدًا بدار وَأجْرِي لَهُم مَا يَلِيق بهما ووكل بهما الحرس فَقَامَ بِأَمْر الْمُسلمين بعد مَنْصُور أَخُوهُ جمال الدّين بن سعد الدّين فَلَمَّا مَاتَ الحطي إِسْحَاق بن دَاوُد جمع جمال الدّين الْمُسلمين وأغار على بِلَاد أمحرة فدوخ تِلْكَ الْبِلَاد وَقتل وَأسر وَسبي عَالما عَظِيما واستسلم مِنْهُم أمماً كَثِيرَة فَأقر كل من أسلم ببلاده وَولى عَلَيْهِم من قبله فاتسع نطاق مَمْلَكَته وقويت عساكره وَكَثُرت أَمْوَالهم وَبعث بِالسَّبْيِ إِلَى الْآفَاق فَكثر الرَّقِيق من العبيد وَالْإِمَاء بِبِلَاد الْيمن والهند وهرمز والحجاز ومصر وَالشَّام وَالروم وَظهر من ثبات جمال الدّين وشجاعته وصرامته ومهابته وعدله مَا يتعجب مِنْهُ بِحَيْثُ أَن بعض أَوْلَاده الصغار لعب مَعَ صبيان من الْحَبَشَة فَضرب مِنْهُم صَبيا كسر يَده فَكَتَمُوا ذَلِك عَنهُ مُدَّة ثمَّ بلغه الْخَبَر فَجمع أَعْيَان الدولة ولامهم على كتمان خبر وَلَده عَنهُ ثمَّ أَمر بولده فجيء بِهِ مَحْمُولا على الْكَتف لصغره حَتَّى يقْتَصّ بِهِ فَقَامَ إِلَيْهِ الْأَعْيَان بأجمعهم يشفعون فِيهِ ويلتزمون بإحضار أَوْلِيَاء الْغَرِيم فَلم يقبل شفاعتهم فِيهِ فأحضروا أَبَا الصَّبِي وَأَهله فأسقطوا حَقهم وَتَضَرَّعُوا إِلَيْهِ جهدهمْ فِي الْعَفو عَن وَلَده فَلم يجبهم وَأخذ ابْنه بِيَدِهِ وَمد يَده على حجر وَضرب عضده بحديده فَكَسرهُ والأعيان قيام يَبْكُونَ لبكاء الصَّغِير وَهُوَ يَقُول لَهُ: تألم كَمَا آلمت هَذَا الصَّغِير. ثمَّ سَار بِهِ الخدم وَهُوَ يَصِيح من الْأَلَم إِلَى أمه حَتَّى تمرضه فَكَانَ يَوْمًا مهولاً وَلم يَجْسُر بعد ذَلِك أحد فِي مَمْلَكَته أَن يظلم أحدا. وَله من هَذَا النمط عدَّة أَخْبَار مَعَ الْعِفَّة والنسك والإستبداد بِجَمِيعِ أُمُوره وَأُمُور مَمْلَكَته ووفور الْحُرْمَة وقمع أهل الْفساد وَإِزَالَة الْمُنْكَرَات فَالله يُؤَيّدهُ بعونه. وَأما بِلَاد الْمغرب فَإِن متملك فاس أَبَا زيد عبد الرَّحْمَن حفيد السُّلْطَان أبي سَالم إِبْرَاهِيم ثار عَلَيْهِ السعيد أَبُو عبد الله مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالجبلي ابْن أبي عَامر عبد الله بن أبي سعيد عُثْمَان بن أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن أبي سَالم إِبْرَاهِيم بن أبي الْحسن فِي أَوَائِل سنة ثَمَان وَعشْرين وَملك فاس وَقَتله وَخرج إِلَى الشاوية فَقَتَلُوهُ وأقيم وَلَده أَبُو عبد الله مُحَمَّد فَقَامَ الْوَزير صَالح وَبَايع النَّاصِر أبي عَليّ بن أبي سعيد عُثْمَان فَقدم أَبُو عَمْرو بن السعيد مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن أبي الْحسن من إفريقية وَملك فاس ثمَّ فر فأعيد النَّاصِر

<<  <  ج: ص:  >  >>