للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واستعانوا بالأمير سيف الدّين كوندك الساقي. وَكَانَ الْملك السعيد. قد قدمه وعظمه لِأَنَّهُ رَبِّي مَعَه فِي الْمكتب فَقبض على آقسنقر وَهُوَ جَالس فِي بَاب الْقلَّة وسجن وأهين ونتفت لحيته وَضرب ثمَّ أخرج بعد أَيَّام يسيرَة ميت. فاستقر بعده فِي النِّيَابَة الْأَمِير شمس الدّين سنقر الألفي المظفري فكرهه الخاصكية وَقَالُوا. هَذَا مَا هُوَ من الظَّاهِرِيَّة وخيلوا الْملك السعيد مِنْهُ أَنه يُرِيد أَن يثور بخشداشيته مماليك الْملك المظفر قطز فَعَزله سَرِيعا. وَولي الْأَمِير سيف الدّين كوندك الساقي نِيَابَة السلطة وَهُوَ شَاب فعضده الْأَمِير سيف الدّين قلاوود الألفي وَمَال إِلَيْهِ. وَكَانَ من جملَة المماليك السُّلْطَانِيَّة الخاصكية شخص يعرف بلاجين الزيني وَقد غلب على الْملك السعيد فِي سَائِر أَحْوَاله وَضم إِلَيْهِ عدَّة من الخاصكية وَأخذ لاجين لَهُم الإقطاعات وَالْأَمْوَال الجزيلة وَصَارَ كلما انحل خبز أَخذه لمن يخْتَار وتنافر النَّائِب وَالْمَذْكُور فتورغرت بَينهمَا الصُّدُور ودبت بَينهمَا عقارب الشرور وأعمل كل مِنْهُمَا مكره فِي أذية الآخر وَضم النَّائِب إِلَيْهِ جمَاعَة من الْأُمَرَاء الْكِبَار وَصَارَ الْعَسْكَر حزبين فآل الْأَمِير إِلَى مَا آل إِلَيْهِ من وَتغَير السُّلْطَان على الْأُمَرَاء وَقبض فِي سَابِع عشره على الْأَمِير جودي القيمري الْكرْدِي فنفرت مِنْهُ قُلُوب الْأُمَرَاء لَا سِيمَا الصالحية: مثل الْأَمِير سيف الدّين قلاوون والأمير شمس الدّين سنقر الْأَشْقَر والأمير علم الدّين سنجر الْحلَبِي والأمير بدر الدّين بيسري وأقرانهم فَإِنَّهُم كَانُوا يأنفون من تملك الْملك الظَّاهِر عَلَيْهِم ويرون أَنهم أَحَق مِنْهُ بِالْملكِ فَصَارَ ابْنه الْملك السعيد يضع من أقدارهم وَيقدم عَلَيْهِم مماليك الأصاغر ويخلو بهم وَكَانُوا صباح الْوُجُوه ويعطهم مَعَ ذَلِك الْأَمْوَال الْكَثِيرَة وَيسمع من رَأْيهمْ وَيبعد الْأُمَرَاء الْكِبَار. وَاسْتمرّ الْحَال على هَذَا إِلَى أَن كَانَ يَوْم الْجُمُعَة خَامِس عشريه وَفِيه قبض السُّلْطَان على الْأَمِير شمس الدّين سنقر الْأَشْقَر والأمير بدر الدّين بيسري وسجنهما بالقلعة ثَلَاثَة وَعشْرين يَوْمًا فزادت الوحشة بَينه وَبَين الْأُمَرَاء وَدخل خَاله الْأَمِير بدر الدّين مُحَمَّد بركَة خَان إِلَى أُخْته أم السُّلْطَان وَقَالَ لَهَا: قد أَسَاءَ ابْنك التَّدْبِير بِقَبْضِهِ على مثل هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاء الأكابر والمصلحة أَن ترديه إِلَى الصَّوَاب لِئَلَّا يفْسد نظامه وتقصر أَيَّامه. فَلَمَّا بلغ الْملك السعيد ذَلِك قبض عَلَيْهِ. واعتقله فَلم تزل بِهِ أمه تعنفه وتتلطف بِهِ حَتَّى أطلقهُم وخلع عَلَيْهِم وأعادهم إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ وَقد تمسكت عداوته من قُلُوبهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>