للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سنة تسعين وسِتمِائَة

فِي سادس الْمحرم: أفرج عَن الْملك الْعَزِيز فَخر الدّين عُثْمَان بن المغيب فتح الدّين عمر بن الْعَادِل أبي بكر بن الْملك الْكَامِل مُحَمَّد بن الْعَادِل أبي بكر بن أَيُّوب، وَكَانَ قد اعتقله الْملك الظَّاهِر يببرس فِي رَابِع عشر ربيع الأول سنة تسع وَسِتِّينَ، فَأَقَامَ فِي الاعتقال عشْرين سنة وَتِسْعَة أشهر واثنين وَعشْرين يَوْمًا، ورتب الْأَشْرَف لَهُ مَا يقوم بِحَالهِ، وَلزِمَ دَاره واشتغل بالمطالعة والنسخ، وَانْقطع عَن السَّعْي إِلَّا للْجُمُعَة أَو الْحمام أَو ضَرُورَة لَا بُد مِنْهَا. وَفِيه كتب الْأَشْرَف إِلَى شمس الدّين مُحَمَّد بن السلعوس وَهُوَ بالحجاز كتابا، وَكتب بِخَطِّهِ بَين الأسطر: ((يَا شقير يَا وَجه الْخَيْر عجل السّير فقد ملكنا)) ، فَلَمَّا أَتَاهُ الْكتاب وَهُوَ عَائِد من الْحَج انْضَمَّ النَّاس إِلَيْهِ، وتوددوا لَهُ وبالغوا فِي إكرامه، حَتَّى وصل قلعة الْجَبَل يَوْم عَاشُورَاء. وَكَانَ الْأَمِير سنجر الشجاعي قد تحدث فِي الوزارة مُنْذُ تسلطن الْأَشْرَف، من غير أَن يخلع عَلَيْهِ وَلَا كتب لَهُ تقليداً، فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْخَمِيس ثَانِي غشره اسْتَقر ابْن السلعوس فِي الوزارة، وخلع عَلَيْهِ وفوض إِلَيْهِ سَائِر أُمُور الدولة، وجرد مَعَه عدَّة من المماليك السُّلْطَانِيَّة يركبون فِي خدمته ويترجلون فِي ركابه، ويقفون بَين يَدَيْهِ ويمتثلون أمره فَتمكن تمَكنا لم يتمكنه وَزِير قبله فِي الدولة التركية، وَصَارَ إِذا أَرَادَ الرّكُوب إِلَى القلعة اجْتمع بِبَابِهِ نظار الدولة ومشد الدَّوَاوِين ووإلى الْقَاهِرَة ومصر، ومستوفوا الدولة ونظار الْجِهَات ومشدو الْمُعَامَلَات، وَنَحْوهم من الْأَعْيَان، ثمَّ يحضر قُضَاة الْقُضَاة الْأَرْبَعَة وأتباعهم فَإِذا تَكَامل الْجَمِيع بِبَابِهِ دخل إِلَيْهِ حَاجِبه وَقَالَ: ((أعز الله مَوْلَانَا الصاحب، قد تكمل الموكب)) ، كَانَ عَلامَة تكلمة الموكب بِبَابِهِ حُضُور الْقُضَاة الْأَرْبَعَة، فَيخرج حِينَئِذٍ ويركب وَالنَّاس سائرون بَين يَدَيْهِ على طبقاتهم ومقربهم إِلَيْهِ قَاضِي الْقُضَاة الشَّافِعِي وقاضي الْقُضَاة الْمَالِكِي، ومسيرهما مَعًا بَين يَدَيْهِ أَمَام فرسه، وَقُدَّام الْمَذْكُورين قَاضِي الْقُضَاة الْحَنَفِيّ وقاضي الْقُضَاة الْحَنْبَلِيّ، ثمَّ نظار الدولة ثمَّ المستوفون بالدولة ثمَّ نظار الْجِهَات على قدر مَرَاتِبهمْ، فَلَا يزالون حَتَّى يسْتَقرّ بمجلسه من قلعة الْجَبَل فَيَنْصَرِف الْقُضَاة، ثمَّ يعودون عَشِيَّة النَّهَار إِلَى القلعة، ويركبون مَعَه إِلَى أَن يصل دَاره. وَاتفقَ لَيْلَة أَنه تَأَخّر فِي القلعة إِلَى عشَاء الْآخِرَة وأغلق بَاب القلعة، فَانْقَلَبَ الموكب إِلَى جِهَة بَاب الاسطبل، ووقف الْقُضَاة على بغلاتهم بِظَاهِر بَاب الاسطبل حَتَّى خرج

<<  <  ج: ص:  >  >>