للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خصاما للزنادقة. وَكَانَ يَقُول: أدخلُوا عَليّ الْقُضَاة؛ فَلَو لم يكن ردي للمظالم إِلَّا حَيَاء مِنْهُم [لكفى] .

وَكَانَ الْمهْدي لما شب ولاه أَبوهُ [على] طبرستان وَمَا يَليهَا، وعَلى الرى.

وتأدب الْمهْدي وجالس الْعلمَاء وتميز.

قيل: إِن أَبَاهُ الْمَنْصُور غرم أَمْوَالًا عَظِيمَة، وتحيل حَتَّى استنزل ولي الْعَهْد - ولى أَخِيه - عِيسَى بن مُوسَى عَن المنصب، وولاه للمهدي هَذَا.

فَلَمَّا مَاتَ الْمَنْصُور بِظَاهِر مَكَّة - قبل الْحَج - قَامَ يَأْخُذ الْبيعَة [لَهُ] الرّبيع بن يُونُس الْحَاجِب، وأسرع بالْخبر للمهدي مَعَ مَوْلَاهُ مَنَارَة الْبَرْبَرِي وَهُوَ بِبَغْدَاد؛ فكتم الْمهْدي الْأَمر يَوْمَيْنِ، ثمَّ خطب النَّاس ونعى إِلَيْهِم الْمَنْصُور.

وَأول من هَنأ الْمهْدي بالخلافة وَعَزاهُ أَبُو دلامة، وأجاد [فَقَالَ] :

(عَيْنَايَ وَاحِدَة ترى مسرورة ... بأميرها جذلا وَأُخْرَى تذرف)

(تبْكي وتضحك تَارَة ويسوءها ... مَا أنْكرت ويسرها مَا تعرف)

(فيسوءها موت الْخَلِيفَة محرما ... ويسرها أَن قَامَ هَذَا الأرأف)

(مَا إِن رَأَيْت كَمَا رَأَيْت وَلَا أرى ... شعرًا أسرحه وَآخر ينتف)

(هلك الْخَلِيفَة يَا لدين مُحَمَّد ... وأتاكم من بعده من يخلف)

(أهْدى لهَذَا الله فضل خلَافَة ... ولذاك جنَّات النَّعيم تزخرف)

<<  <  ج: ص:  >  >>