للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلما سمع بغا الصَّغِير ذَلِك من الْمُنْتَصر قَالَ للَّذين قتلوا المتَوَكل: مالكم عِنْد هَذَا رزق؛ فعملوا عَلَيْهِ، وهموا بِهِ فعجزوا عَنهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مهابا، شجاعا، فطنا؛ محترزا؛ فتحيلوا عِنْد ذَلِك -[الأتراك]- إِلَى أَن دسوا إِلَى طبيبه ابْن طيفور ثَلَاثِينَ ألف دِينَار عِنْد مَرضه؛ فَأَشَارَ بفصده؛ ففصد بريشة مَسْمُومَة؛ فَمَاتَ.

فَيُقَال: إِن ابْن طيفور [الْمَذْكُور] نسي وَمرض؛ فَأمر غُلَامه بفصده؛ ففصده بِتِلْكَ الريشة؛ فَمَاتَ [أَيْضا. وَقَالَ بَعضهم: بل حصل للمنتصر مرض فِي أنثييه فَمَاتَ] بعد ثَلَاثَة أَيَّام.

وَقيل: مَاتَ بالخوانيق، وَقيل: بل سم فِي كمثرائه بإبرة.

وَكَانَ الْمُنْتَصر يتهم [بقتل] أَبِيه.

[و] يحْكى أَنه نَام يَوْمًا ثمَّ إنتبه وَهُوَ يبكي؛ فَجَاءَتْهُ أمه فَقَالَت: مَا أبكاك يَا بني؛ لَا أبكى الله لَك عينا؟ {فَقَالَ: اذهبي عني ذهبت عني الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، رَأَيْت السَّاعَة أبي فِي النّوم وَهُوَ يَقُول: وَيحك يَا مُحَمَّد} قتلتني لأجل الْخلَافَة، وَالله لَا تمتعت بهَا إِلَّا أَيَّامًا يسيرَة، ثمَّ مصيرك إِلَى النَّار. فَلم يَعش بعد ذَلِك إِلَّا أَيَّامًا قَليلَة.

وَذكر عَليّ بن يحيى المنجم: أَن الْمُنْتَصر جلس مجْلِس اللَّهْو؛ فَرَأى فِي بعض الْبسط دَائِرَة فِيهَا رَأس عَلَيْهِ تَاج وَحَوله كِتَابَة فارسية؛ فَطلب الْمُنْتَصر من يقْرَأ ذَلِك؛ فأحضر رجل؛ فَنظر فِيهَا ثمَّ قطب. فَقَالَ لَهُ الْمُنْتَصر: مَا هَذِه؟ فَقَالَ: لَا معنى لَهَا. فألح عَلَيْهِ؛ فَقَالَ فِيهَا: أَنا شيرويه بن كسْرَى بن هُرْمُز قتلت أبي: فَلم أتمتع بِالْملكِ إِلَّا سِتَّة أشهر؛ فَتغير [لذَلِك] وَجه الْمُنْتَصر وَقَامَ من جلسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>