للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلما تمّ أَمر المعتز فِي الْخلَافَة، واستهل شهر رَجَب خلع المعتز أَخَاهُ الْمُؤَيد إِبْرَاهِيم من ولَايَة الْعَهْد، وَكتب بذلك إِلَى الْآفَاق؛ فَلم يلبث الْمُؤَيد إِلَّا أَيَّامًا وَمَات؛ فخشي المعتز بِاللَّه أَن يتحدث النَّاس عَنهُ أَنه قَتله [أَو احتال] عَلَيْهِ؛ فأحضر الْقُضَاة حَتَّى شاهدوه وَلَيْسَ [بِهِ أثر] ، وَالله أعلم بموتته.

على أَن المعتز كَانَ فِي ضيق وَحجر فِي خِلَافَته مَعَ الأتراك. وَاتفقَ أَن جمَاعَة مِنْهُم أَتَوْهُ وَقَالُوا: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أعطنا أرزاقنا لنقتل صَالح [بن] وصيف التركي ونستريح مِنْهُ.

وَكَانَ المعتز يخَاف من صَالح [الْمَذْكُور] ؛ فَطلب من أمه قبيحة مَالا لينفقه فيهم؛ فَأَبت عَلَيْهِ وشحت نَفسهَا - وَكَانَت فِي سَعَة من المَال - وَلم يكن بَقِي فِي بيُوت المَال شَيْء؛ فَاجْتمع الأتراك حِينَئِذٍ وَاتَّفَقُوا على خلعه من الْخلَافَة. وَوَافَقَهُمْ صَالح ابْن وصيف وَمُحَمّد بن بغا؛ فلبسوا السِّلَاح، وَجَاءُوا إِلَى دَار الْخلَافَة؛ فبعثوا إِلَى المعتز أَن أخرج إِلَيْنَا؛ فَبعث يَقُول: قد شربت دَوَاء وَأَنا ضَعِيف؛ فهجم عَلَيْهِ [جمَاعَة] مِنْهُم؛ فجروه برجليه وضربوه بالدبابيس، وأقاموه فِي الشَّمْس فِي يَوْم صَائِف؛ فَبَقيَ يرفع قدما وَيَضَع أُخْرَى وهم يلطمون وَجهه وَيَقُولُونَ: اخلع نَفسك، ثمَّ أحضروا القَاضِي ابْن أبي الشَّوَارِب وَالشُّهُود وخلعوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>