للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ [الْمُهْتَدي] : لَا يجْتَمع سيفان فِي غمد. وَهَذَا من قَول أبي ذُؤَيْب:

(تريدين كَيْمَا تجمعيني وخالدا ... وَهل تجمع السيفان وَيحك فِي غمد)

وَكَانَ الْمُهْتَدي دينا، صَالحا، ورعا، متعبدا، عادلا، قَوِيا فِي أَمر الله، بطلا، شجاعا. لكنه لم يجد ناصرا وَلَا معينا على الْخَيْر، وَلَو وجد ناصرا لَكَانَ أَحْيَا سنة عمر بن عبد الْعَزِيز؛ فَإِنَّهُ سَار كثيرا فِي خِلَافَته على سيرته.

قَالَ الْخَطِيب: لم يزل صَائِما مُنْذُ ولي الْخلَافَة، إِلَى أَن قتل.

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس هَاشم بن الْقَاسِم: كنت بِحَضْرَة الْمُهْتَدي عَشِيَّة رَمَضَان؛ فَوَثَبت لأنصرف فَقَالَ: اجْلِسْ. ثمَّ أحضر بعد الصَّلَاة طبقًا وَفِيه أرغفة من الْخبز وَبَعض ملح وخل وزيت، فَقَالَ: كل؛ فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ {قد أَسْبغ الله نعمه عَلَيْك} قَالَ: صدقت، وَلَكِنِّي فَكرت فِي أَنه كَانَ فِي بني أُميَّة عمر بن عبد الْعَزِيز؛ فغرت على بني هَاشم؛ فَأخذت نَفسِي على مَا رَأَيْت.

قلت: كَانَ قَصده أَن يقتفي سيرة عمر بن عبد الْعَزِيز، وَكَانَ يَقُول وَيفْعل؛ فَلم يجد معينا على ذَلِك.

وَقَالَ ابْن عَرَفَة النَّحْوِيّ: حَدثنِي بعض الهاشميين أَنه وجد للمهتدي سفطا فِيهِ جُبَّة صوف وَكسَاء كَانَ يلْبسهُ فِي اللَّيْل وَيُصلي فِيهِ. وَكَانَ قد أطرح الملاهي، وَحرم الْغناء، وحسم أَصْحَاب السُّلْطَان عَن الظُّلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>