للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَسبب تغير خواطر الْمَذْكُورين: وَهُوَ أَنه صَار الناصري كلما سَأَلَهُ أحد من أَصْحَابه فِي إقطاع حَوَاشِي برقوق أَو غَيرهم يمْتَنع من ذَلِك شَفَقَة على النَّاس؛ فَلم يحسن ذَلِك ببال جمَاعَة مِمَّن حضر إِلَى الديار المصرية صحبته؛ فحقدوا عَلَيْهِ.

وَاتفقَ ركُوب منطاش على الناصري بِجَمَاعَة قَليلَة [جدا] ، يستحى من ذكرهَا قلَّة؛ فَلم يكترث بهم الناصري، وَأرْسل إِلَى قِتَاله جمَاعَة من الْأُمَرَاء؛ فانتصر عَلَيْهِم منطاش. وتكرر ذَلِك غير مرّة، إِلَى أَن نزل الناصري بِنَفسِهِ لقتاله، وانكسر من منطاش، وَأمْسك، وَحبس بثغر الأسكندرية.

وطلع منطاش إِلَى بَاب السلسلة من قلعة الْجَبَل، وَسكن مَكَان الناصري، واستبد بِجَمِيعِ أُمُور المملكة، شامها ومصرها، من غير مُنَازع.

ثمَّ لم يقنع منطاش بذلك، وَأَرَادَ قتل برقوق بالكرك؛ فَأرْسل الشهَاب البريدي بقتْله؛ فَوَقع أُمُور ذَكرنَاهَا مستوفاة فِي مصنفاتنا الْمُقدم ذكرهَا.

وَآل الْأَمر إِلَى خُرُوج برقوق من حبس الكرك؛ واجتماع النَّاس عَلَيْهِ، وغالبهم من كَانَ خرج أَولا - وهم خجداشيته اليلبغاوية - حنقا من منطاش لما مسك الناصري؛ لِأَن برقوق كَانَ يلبغاويا والناصري كَانَ أَيْضا يلبغاويا؛ فَذَهَبت اليلبغاوية أَولا من خجداش لَهُم إِلَى خجداش آخر، وَهُوَ الناصري.

فَلَمَّا وثب على الْأَمر غير خجداشهم - وَهُوَ منطاش الأشرفي - عظم عَلَيْهِم ذَلِك، وأنضم غالبهم على برقوق لما خرج من حبس الكرك. ولسان حَالهم يَقُول [فِي ذَلِك] :

(وَمَا من حبه أحنو عَلَيْهِ ... وَلَكِن بغض قوم آخَرين)

.

<<  <  ج: ص:  >  >>