للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقيل أَن السُّلْطَان عَامر بن عبد الْوَهَّاب بعث إِلَيْهِ بخلعة نفيسة فألقاها تحتهَا فاحترقت فَبلغ ذَلِك السُّلْطَان فَغَضب وَأرْسل يطْلبهَا مِنْهُ فَأدْخل يَده فِي النَّار وأخرجها كَمَا كَانَت وَدفعهَا إِلَيْهِم وَقد اشار إِلَى هَذَا الشَّيْخ عبد الْمُعْطِي بن حسن أَبَا كثير فِي قصيدته الَّتِي عَارض فِيهَا شيخ الاسلام أَبَا الْفَتْح مالكي وَكِلَاهُمَا مدحا الْقُوَّة فَقَالَ ... قهوة البن جلّ مقصودي ... فِي الخفا والعلن

هام فِيهَا أمامنا السودى ... قطب أهل الْيمن

وطبخها بالند والعودي ... وبغالي الثّمن

من ثِيَابه حَرِير مَعَ قطن ... فاخر الملبس

وبذاكم خوارق تثني ... عَلَيْهِ لم تدرس ...

وَحكي أَنه كَاد يقْرَأ فِي الْفِقْه على بعض الْعلمَاء فَلَمَّا وصل إِلَى هَذِه الْمَسْأَلَة وَالْعَبْد لَا يملك شَيْئا مَعَ سَيّده كرر هَذَا السُّؤَال على شَيْخه كالمستفهم وأعترته عِنْد ذَلِك هَيْبَة عَظِيمَة وبهت وَحصل عَلَيْهِ الجذب

وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ كَانَ آيَة من آيَات الله وأقوااله تدل على حَاله فِي الْمحبَّة ومقامه فِي الْمعرفَة وكذاا تدل على تفننه فِي الْعُلُوم الظَّاهِرَة مثل النَّحْو والبديع والمعاني وَالْبَيَان وَغير ذَلِك وعَلى اطلااعه على الْأَخْبَار السالفة والأمثال السائرة حَتَّى كَأَنَّمَا جَمِيع الْعُلُوم والمعاني كَانَت ممثلة بَين عَيْنَيْهِ يخْتَار مِنْهَا الَّتِي يُرِيد وَلَا يعدل عَن الشَّيْء إِلَّا إِلَى مَا هُوَ خير مِنْهُ وعَلى نظمه قبُول عَجِيب وَفِيه تَأْثِير غَرِيب فَإِنَّهُ السهل الْمُمْتَنع يفهمهُ كل أحد مَعَ متانة عِبَارَته وتتأثر بِهِ النَّاس غَالِبا وَيكثر عَلَيْهِ وجد المتواجدين بل قيل أَنه فارضى الْيمن وَهُوَ رَقِيق جدا تقبله الطباع ويفهمه الْخَاص وَالْعَام وَيذكر الأوطان ويهيج الأشجان فَهُوَ فِي رقته يشبه كَلَام التلمساني والحاجري رحمهمَا الله تَعَالَى ... شَاهد جمال محيا غَايَة الطّلب ... تظفر فديتك بالاعلى من الْقرب

وَلَا تكن عَن حَيَاة الرّوح مشتغلا ... بالترهات فَمَا هَذَا من الْأَدَب

والحظ محَاسِن تسبي الْعقل أجمعه ... من السرُور بهَا والأنس والطلب

وخلص الْقلب من أكوان غربته ... وَأدْخل حمى ربة الأستار والحجب ...

<<  <   >  >>