للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(يزور فتنجلي عني همومي ... لِأَن جلاء همي فِي يَدَيْهِ)

(ويمضي بالمسرة حِين يمْضِي ... لِأَن حوالتي فِيهَا عَلَيْهِ)

(وَلَوْلَا أَنه يعد التلاقي ... لَكُنْت أَمُوت من شوقي إِلَيْهِ)

وَمِنْه

(لَوْلَا رَجَاء نعيمي فِي دِيَاركُمْ ... بالوصل مَا كنت أَهْوى الدَّار والوطنا)

(إِن المساكن لَا تَخْلُو لساكنها ... حَتَّى يُشَاهد فِي أَثْنَائِهَا السكنا)

٣ - (الرئيس جمال الدّين ابْن المغربي)

إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الْمَعْرُوف بِابْن المغربي الصَّدْر الرئيس جمال الدّين أَبُو إِسْحَاق رَئِيس الْأَطِبَّاء بالديار المصرية والممالك الشامية ذُو الرُّتْبَة المنيعة والمكانة الْعَالِيَة والوجاهة فِي الدولة وَالْحُرْمَة عِنْد النَّاس خُصُوصا فِي أَيَّام الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون لقُرْبه من السُّلْطَان وخدمة الأكابر الْأُمَرَاء والوزراء فِي مَوَاطِن كَثِيرَة سرا وجهراً وَكَانَ مِمَّن خرج صُحْبَة الركاب الناصري سنة ثَمَان وَسبع مائَة وَأقَام مَعَه بالكرك وَتردد فِي الدُّخُول إِلَيْهِ مَعَ من كَانَ يدْخل إِلَيْهِ من ذَوي الخدم ثمَّ تفرد بذلك مَعَ الخاصكية فَصَارَت لَهُ بِهَذَا خُصُوصِيَّة لَيست لأحد وَكَانَ السُّلْطَان يعرف لَهُ حق ذَلِك ويرعاه ويطمئن إِلَيْهِ ويعول دون كل أحد عَلَيْهِ وَكَانَ أَبوهُ شهَاب الدّين أوحد أهل زَمَانه فِي الطِّبّ وأنواع الْفَضَائِل وَقَرَأَ جمال الدّين على مَشَايِخ الْأَطِبَّاء وَأخذ عَن أَبِيه الطِّبّ والنجامة إِلَى غير ذَلِك وَكَانَ أَبوهُ كثير السرُور بِهِ والرضى عَنهُ وَفرق مَالا على بنيه ثمَّ تَركهم مُدَّة وَطلب مِنْهُم المَال فأحضر إِلَيْهِ جمال الدّين المَال وَقد نماه وثمره وَلم يحضر غَيره المَال لتفريط حصل فِيهِ فازداد جمال الدّين مَكَانَهُ من)

خاطره ورد عَلَيْهِ المَال وَمثله مَعَه وَكَانَ إِذا رَآهُ قَالَ هَذَا إِبْرَاهِيم سعيد وَكَانَ الْأَمر على مَا ذكره وصدقت فراسته وخدم السُّلْطَان فِي حَيَاة أَبِيه وَتقدم لَدَيْهِ وباشر المارستان وفوضت إِلَيْهِ الرياسة مُطلقًا ثمَّ أَخذ فِي الترقي إِلَى أَن عد من أَعْيَان الدولة وأكابر أَرْبَاب الْمَرَاتِب والتحق بِدَرَجَة الوزراء وَذَوي التَّصَرُّف بل زَاد عَلَيْهِم لإقبال السُّلْطَان عَلَيْهِ وقربه مِنْهُ وَكَانَ أول دَاخل إِلَيْهِ يدْخل كل يَوْم قبل كل ذِي وَظِيفَة برانية من أَرْبَاب السيوف والأقلام فَيسْأَل السُّلْطَان عَن أَحْوَاله وأحوال مبيته وأعراضه فِي ليلته فيحدثه فِي ذَلِك ثمَّ أُمُور بَقِيَّة المرضى من السُّلْطَان والأمراء ومماليك السُّلْطَان وأرباب وظائف وَسَائِر النَّاس ويسأله السُّلْطَان عَن أَحْوَال الْبَلَد وَمن فِيهِ من الْقُضَاة والمحتسب ووالي الْبَلَد وَعَما يَقُوله الْعَوام ويستفيض فِيهِ الرّعية وَمن لَعَلَّه وَقع فِي تِلْكَ اللَّيْلَة بِخِدْمَة أَو أمسك بِجَزِيرَة أَو أَخذ بِحَق أَو ظلم وَلِهَذَا كَانَ يخْشَى ويرجى وَتقبل شفاعاته وتقضى حاجاته وَكَانَ يجد سَبيله إِذا أَرَادَ لغيبة أَرْبَاب الْوَظَائِف السُّلْطَانِيَّة وَلَا يَجدونَ سَبِيلا لَهُم عَلَيْهِ إِذْ تناط بهم أُمُور من تصرف فِي مَال أَو عزل وَولَايَة يُقَال فِي ذَلِك بسببهم وَلَا يناط بِهِ شَيْء من ذَلِك يُقَال فِيهِ بِسَبَبِهِ فَلهَذَا طَال مكثه ودامت سعادته وَلم يُغير عَلَيْهِ مغير وَلَا اسْتَحَالَ عَلَيْهِ السُّلْطَان وَحصل النعم الْعَظِيمَة وَالْأَمْوَال

<<  <  ج: ص:  >  >>