للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحياة الْمَشَايِخ الْكِبَار مثل الشَّيْخ كَمَال الدّين ابْن الزملكاني وَالشَّيْخ برهَان الدّين وَالشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية وَلما طلب وَالِده إِلَى مصر وتولي قَضَاء الْقُضَاة بِالشَّام اسْتَقل هُوَ بالخطابة فِيمَا أَظن فَلَمَّا طلب وَالِده أَيْضا إِلَى قَضَاء الديار المصرية بَقِي هُوَ فِي الْوَظِيفَة وَكَانَ فِي كل سنة يتَوَجَّه على الْبَرِيد إِلَى مصر ويحضر عِنْد السُّلْطَان ويلبس تَشْرِيفًا وَيُقِيم عِنْد وَالِده مديدة ثمَّ يعود إِلَى دمشق على الْبَرِيد وَكَانَ لَهُ بذلك وجاهة زَائِدَة وصيت وَقضى سَعَادَة وافرة فَلَمَّا عَاد وَالِده إِلَى الشَّام قَاضِيا نابه فِي الحكم وَكَانَ قد أتقن الخطابة وانصقلت عِبَارَته وتلفظ بهَا فصيحاً وَقَرَأَ فِي الْمِحْرَاب قِرَاءَة حَسَنَة طيبَة النغم وَلما توفّي وَالِده كَانَ يظنّ أَنه يَلِي الْقَضَاء فَمَا اتّفق لَهُ ذَلِك وَعكس الدَّهْر آماله وَنقض حَبل سعادته فتعكس وَكلما حاول أمرا لم ينجب وَطلب إِلَى مصر فَبَقيَ مُدَّة إِلَى أَن توفّي السُّلْطَان الْملك النَّاصِر رَحمَه الله وَأقَام بعده قَلِيلا ثمَّ عَاد إِلَى دمشق وَقد أكمده الْحزن فَبَقيَ أَيَّامًا قَلَائِل وَتُوفِّي فِي ثَانِي جماديا الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَدفن بمقابر الصُّوفِيَّة وَقد جَاوز الْأَرْبَعين قَلِيلا وَكَانَ وافر الحشمة ظَاهر التجمل حسن البزة جميل الصُّورَة

٣ - (القَاضِي تَاج الدّين البارنباري)

)

مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْمُنعم القَاضِي الْكَاتِب النَّاظِم الناثر تَاج الدّين أَبُو سعد السَّعْدِيّ الْمَعْرُوف بِابْن البارنباري بباء مُوَحدَة وَألف بعْدهَا رَاء وَنون بعْدهَا بَاء مُوَحدَة ايضاً وَبعد الْألف رَاء أُخْرَى ثمَّ يَاء النّسَب صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء بطرابلس يَوْمئِذٍ كَاتب مطيق ومترسل منطيق خطه أبهج من الحديقة الْغناء وأخلب للقلب من الحدقة الوسناء كتب الرّقاع وَالثلث والتوقيعات من أحسن مَا يكون وَكَانَ لما رَأَيْته بالديوان بقلعة الْجَبَل أعرف بمصطلح الدِّيوَان من كل من فِيهِ بِحَيْثُ أَنه يُعْطي كتابا إِلَى ملك الْهِنْد أَو إِلَى ملك الْيمن أَو إِلَى ملك الكرج أَو إِلَى ملك الغرب أَو إِلَى أَي ملك من الْمُلُوك الَّذين يكاتبون من بَاب السُّلْطَان فَيَأْخُذ الْقَلَم وَيكْتب من رَأس الْقَلَم تِلْكَ الألقاب وَتلك النعوت عَن ظهر قلب من غير أَن يُرَاجع شَيْئا ثمَّ ينشئ الْكتاب الْمَطْلُوب من رَأس الْقَلَم فِي ذَلِك الْمَعْنى الْمَقْصُود من أحسن مَا يكون وَكتب شَيْئا كثيرا من التقاليد والمناشير والتواقيع إِلَى الْغَايَة وَقل مَا رَأَيْته يكْتب شَيْئا من مسودة فَهُوَ أحد كتاب الْإِنْشَاء الَّذين رَأَيْتهمْ فِي عصري مولده فِي شهر ربيع الأول سنة سِتّ وَتِسْعين وست مائَة وَكتب الْإِنْشَاء فِي الدولة الناصرية فِي شهر رَجَب سنة ثَلَاث عشرَة وَسبع مائَة وَلم يزل من أَعْيَان كتاب الْإِنْشَاء إِلَى أَن توفّي القَاضِي بهاء الدّين أَبُو بكر بن غَانِم فرسم السُّلْطَان للْقَاضِي تَاج الدّين بِأَن يتَوَجَّه إِلَى طرابلس مَكَانَهُ صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء فَتوجه إِلَيْهَا فِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة فرأس هُنَاكَ وَأحسن إِلَى النَّاس وَسَار سيرة مرضية وَأقَام بهَا إِلَى أَن تولي النِّيَابَة الْأَمِير سيف الدّين بيدمر البدري فِي أَوَائِل سنة سبع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة فعزل من كِتَابَة سر طرابلس وَأقَام بطرابلس إِلَى أَن رسم لَهُ بِالْخرُوجِ فَحَضَرَ إِلَى دمشق فِي أَوَاخِر السّنة الْمَذْكُورَة وَأقَام بِدِمَشْق مُدَّة ثمَّ توجه إِلَى الْقَاهِرَة وَعَاد بعد مُدَّة إِلَى دمشق موقع دست فِي شهر رَجَب فِيمَا أَظن سنة إِحْدَى وَخمسين وَسبع مائَة وَتُوفِّي فِي أَوَائِل شهر ربيع الأول سنة سِتّ وَخمسين وَسبع مائَة بالقدس كتبت إِلَيْهِ من دمشق وَقد وَردت إِلَيْهَا مُتَوَجها من الديار المصرية إِلَى الرحبة الْبَسِيط

(لما أتيت دمشقاً بعد مصر وَفِي ... عطفي مِنْك بقايا الْفضل للراجي)

(عظمت من أجل مَوْلَانَا وصحبته ... وَقيل هَذَا بِمصْر صَاحب التَّاج)

<<  <  ج: ص:  >  >>