للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فودادي قد اغتدى عَرَبيا ... كَونه بَين عُرْوَة وحزام)

وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ وَقد دخل ديوَان الْإِنْشَاء بِدِمَشْق فَتعذر إِيصَال معلومه النزر إِلَيْهِ مخلع الْبَسِيط

(كُنَّا من الشّعْر قد هربنا ... لرتبة تَقْتَضِي الإعاذة)

(فَمَا دَخَلنَا فِي بَاب جاه ... وَلَا خرجنَا عَن الشحاذة)

وَكَانَ القَاضِي شهَاب الدّين ابْن فضل الله قد دخل بِهِ إِلَى الدِّيوَان بِدِمَشْق فِي أَوَائِل سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَكَانَ أَقَامَ مُدَّة يتَرَدَّد إِلَى الدِّيوَان وَيكْتب وَلم يكْتب لَهُ توقيع فَكَانَ يتقاضى القَاضِي شهَاب الدّين فِي ذَلِك كل قَلِيل بمقاطيع مطبوعة وأبيات فِيهَا المحاسن مَجْمُوعَة من ذَلِك قَوْله وكتبت لَهُ توقيعاً هَذِه نسخته رسم بِالْأَمر العالي لَا زَالَ يزِيد البلغاء جمالاً ويفيد الفصحاء بِاخْتِيَارِهِ كفوا يخجل الْقَمَر كمالاً أَن يرتب الْمجْلس السَّامِي القضائي الجمالي فِي كَذَا انجازاً لوعد اسْتِحْقَاقه الَّذِي أوجب لَهُ الصون والصولة وابرازاً لما فِي ضمير الزَّمَان لَهُ من أَن يرى لَهُ فِي الجو جَوْلَة وايجازاً لما أسهب توهمه من الحرمان والحنو الشهابي يرفرف حوله واحرازاً لأدبه الَّذِي مَا حلي بقلمه فَم ديوَان وَلَا حلى بكلمه جيد دولة لِأَنَّهُ الْفَاضِل الَّذِي يروض الإطراس ويصيب بسهام أقلامه الْأَغْرَاض على أَنَّهَا مَا تنفذ فِي القرطاس ويترجل الْبَرْق لارتجاله الَّذِي يَقُول لَهُ التروي مَا فِي وقوفك سَاعَة من باس ويهز الأعطاف بأنشائه الَّذِي كَأَنَّهُ زمن الصَّبِي والدهر سمح والحبيب مواتي ويمطر الأفهام غمام كَلَامه الحلو فَيتَحَقَّق النَّاس أَنه الْقطر النباتي وَيذكر الزَّمن الفاضلي بآدابه الَّتِي أظلمت على ابْن سناء الْملك وَمَا عَاشَ لَهَا ابْن مماتي فليباشر ذَلِك مُبَاشرَة تصدق الأمل فِي فضائله وَتحقّق الظَّن فِي كَمَاله الَّذِي تنزه الطّرف فِي مخائل خمائله وَيشْهد أَوَاخِر أدبه لقديم بَيته وأوائله ولينمق الطروس بسطوره فَإِن حُرُوفه آنق من تخاريج العذار ومداده أليق من خيلان)

ليل فِي خدود نَهَار وَأَلْفَاظه تروق لطفاً كَمَا تروق الثغور الْعَذَاب عِنْد التبسم والافترار ومعانيه يشف نورها كَمَا شف لجين الكاس عَن ذهب الْعقار فقد صادفت سحائب كَلمه روابي يزكو غراس نباتها ومواقع انشائه أكباداً تتلظى ظماً إِلَى برد قطراتها وجياد بلاغته مضماراً لَا يضيق مداه عَن فسيح خطواتها وَأَقْلَام بَيَانه أجماً لَا تزأر أَسد الفصاحة إِلَّا من غاباتها فكم لَهُ من تعاليق مَا رَآهَا الجاحظ فِي حيوانه وَكم لَهُ من جمل دواوين وَلكنه الْيَوْم جمال ديوانه وليكتم مَا يكْتب فِي قلبه ويدفن ميت الْأَسْرَار فِي ضريح جانحتيه إِلَى لِقَاء ربه فَإِنَّهَا صناعَة الكتمان رَأس مَالهَا والترفع والانجماع عَن النَّاس سر جمَالهَا والوصايا كَثِيرَة وتقوى الله تَعَالَى ملاك مَا يُؤمر بِهِ وتناط الْوَصَايَا الحسان بِسَبَبِهِ فلينسج مِنْهَا على خير منوال وليجر فِيهَا على خير أسلوب فَإِن من عدمهَا مَاله من وَال والخط الْكَرِيم أَعْلَاهُ حجَّة بِمُقْتَضَاهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى

٣ - (أَبُو الْيُسْر بن الصَّائِغ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر)

ابْن عبد الْخَالِق بن خَلِيل

<<  <  ج: ص:  >  >>