للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَعند خُرُوجه من دمشق حضر إِلَيْهَا الْأَمِير سيف الدّين قطلوبغا الفخري وملكها وبرز إِلَى خَان لاجين وَقعد هُنَاكَ بِمن مَعَه من الْعَسْكَر الْمصْرِيّ الَّذين كَانُوا حَضَرُوا لمحاصرة النَّاصِر أَحْمد فِي الكرك فترددت الرُّسُل بَينه وَبَين ألطنبغا وَمَال الفخري على قوصون وَمَال ألطنبغا إِلَيْهِ وَلم يزل إِلَى أَن حضر ألطنبغا فِي عَسْكَر الشَّام وعسكر حلب وعسكر طرابلس فِي عدَّة تقَارب خَمْسَة عشر ألف فَارس وَتردد الْقُضَاة الْأَرْبَع بَينهمَا ووقف الصفان وَطَالَ الْأَمر وَكره الْعَسْكَر الَّذين مَعَه منابذة الفخري وهلكوا جوعا وألح ألطنبغا وأصر على عدم الْخُرُوج عَن قوصون والميل إِلَى النَّاصِر أَحْمد وَأَقَامُوا كَذَلِك يَوْمَيْنِ

وَلما كَانَ فِي بكرَة النَّهَار الثَّالِث خامر جَمِيع الْعَسْكَر على ألطنبغا وتحيزوا إِلَى الفخري وَبَقِي ألطنبغا والحاج أرقطاي نَائِب طرابلس والأمير عز الدّين المرقبي والأمير عَلَاء الدّين طيبغا القاسمي والأمير سيف الدّين أسنبغا ابْن الأبو بكري فَعِنْدَ ذَلِك أدَار ألطنبغا رَأس فرسه إِلَى مصر وَتوجه هُوَ والمذكورون على حمية إِلَى مصر فَلَمَّا قاربوها جهز دواداره إِلَى قوصون يُخبرهُ بوصولهم فَجهز إِلَيْهِم تشاريف وخيولاً وَبَات على أَنه يصبح يركب لملتقاهم فأمسكه أُمَرَاء مصر وقيدوه وجهزوه إِلَى إسكندرية وسيروا تلقوا ألطنبغا وَالَّذين مَعَه من الْأُمَرَاء وأطلعوهم القلعة وَأخذُوا سيوفهم وحبسوهم ثمَّ بعد يَوْمَيْنِ أَو أَكثر جهزوهم إِلَى إسكندرية وَلم يزَالُوا هُنَاكَ إِلَى أَن جَاءَ السُّلْطَان الْملك النَّاصِر أَحْمد إِلَى الْقَاهِرَة وعساكر الشَّام والأمير سيف الدّين قطلوبغا الفخري والأمير سيف الدّين طشتمر فَجهز الْأَمِير شهَاب الدّين أَحْمد بن صبح إِلَى إسكندرية فَتَوَلّى خنق قوصون وبرسبغا فِي الْحَبْس فِي ذِي الْقعدَة أَو فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فَمَاتَ رَحمَه الله

وَكَانَ خيرا خَبِيرا بِالْأَحْكَامِ فِي الشَّرْع والجيش والسياسة طَوِيل الرّوح فِي المحاكمات وانفصلت فِي دور الْعدْل الَّتِي كَانَ يعملها قضايا مزمنة شَرْعِيَّة وَكَانَ شكلاً مليحاً تَامّ الْقَامَة)

كَبِير الْوَجْه والذقن فِي طول قَلِيل لشعرها يلْعَب بِالرُّمْحِ وَيَرْمِي النشاب ويلعب الكرة فِي الميدان من أحسن مَا يكون ويدرب مماليكه فِي ذَلِك جَمِيعه وَكَانَ من الفرسان الْأَبْطَال معافى لم يكن أحد يَرْمِي جنبه إِلَى الأَرْض وَكَانَ سَمحا لَا يدّخر شَيْئا وَلَا يتجر وَلَا يعمر ملكا

وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ فريداً فِي أَبنَاء جنسه وَإِنَّمَا لم يرْزق سَعَادَة فِي نِيَابَة دمشق وَزَاد فِي ركُوب هوى نَفسه فِي حق طشتمر وَبَالغ إِلَى أَن نفذ قَضَاء الله وَقدره فِيهِ وَإِلَّا لَو أَقَامَ بِدِمَشْق وَمَا خرج عَنْهَا لم يجر من ذَلِك شَيْء وَلَو وَافق الفخري وَدخل مَعَه إِلَى دمشق دَخلهَا نَائِبا وَكَانَ الفخري عِنْده ضيفاً يصرفهُ بأَمْره وَنَهْيه وَلَكِن هَكَذَا قدر فَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

٣ - (المارداني نَائِب حلب)

ألطنبغا الْأَمِير عَلَاء الدّين المارداني الساقي الناصري أمره السُّلْطَان مائَة وَقدمه على ألف وزوجه إِحْدَى بَنَاته وَهُوَ الَّذِي عمر الْجَامِع الَّذِي برا بَاب زويلة عِنْد المرحليين وَأنْفق على ذَلِك أَمْوَالًا كَثِيرَة لِأَنَّهُ مرض مرضةً شَدِيدَة طول فِيهَا وأعيى الْأَطِبَّاء

<<  <  ج: ص:  >  >>