للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(تكن مثل أقذاء الْحباب الَّذِي جرى ... بِهِ الْبَحْر تسقيه ريَاح الصراصر)

فَوَثَبَ الجحاف يجر مطرفه وَمَا يعلم من الْغَضَب فَقَالَ عبد الْملك للأخطل مَا أحسبك إِلَّا قد اكسبت قَوْمك شرا

فافتعل عهدا من عبد الْملك على صدقَات بكر وتغلب فصحبه من قومه نَحْو من ألف فَارس فَسَار بهم حَتَّى بلغ الرصافة ثمَّ كشف لَهُم أمره وأنشدهم مَا قَالَه الأخطل وَقَالَ إِنَّمَا هِيَ النَّار أَو الْعَار فَمن صَبر فليقدم وَمن كره فَليرْجع فَقَالُوا نَحن مَعَك

فصاروا إِلَى الْبشر وَهُوَ وَاد لبني تغلب فَأَغَارُوا عَلَيْهِم لَيْلًا وقتلوهم وبقروا من النِّسَاء من كَانَت حَامِلا وَمن كَانَت غير حاملٍ قتلوها وَقتل ابْن للأخطل يُقَال لَهُ غياث

ثمَّ إِن الجحاف هرب من بعد ذَلِك وَفرق عَنهُ أَصْحَابه وَلحق بالروم

فَلحقه عُبَيْدَة بن تَمام التغلبي دون الدَّرْب فكر عَلَيْهِ الجحاف فَهَزَمَهُ وَهزمَ أَصْحَابه وَمكث زميناً فِي الرّوم وَقَالَ فِي ذَلِك من الطَّوِيل

(فَإِن تطردوني تطردوني وَقد جرى ... بِي الْورْد يَوْمًا فِي دِمَاء الأراقم)

(لدن ذَر قرن الشَّمْس حَتَّى تلبست ... ظلاماً بركض المقربات الصلادم)

وَأقَام هُنَاكَ حَتَّى سكن غضب عبد الْملك وكلمته القيسية فِي أَن يُؤمنهُ فلَان لَهُم فَقيل لَهُ إِنَّا وَالله لَا نَأْمَنهُ على الْمُسلمين أَن يَأْتِي بالروم

فَأَمنهُ فَأقبل فَلَمَّا قدم على عبد الْملك لقِيه الأخطل فَقَالَ لَهُ الجحاف من الطَّوِيل)

(أَبَا مالكٍ هَل لمتني إِذْ حضضتني ... على الْقَتْل أم هَل لامني فِيك لائمي)

(أَبَا مالكٍ إِنِّي أطعتك فِي الَّتِي ... حضضت عَلَيْهَا فعل حران حَازِم)

(فَإِن تدعني أُخْرَى أجبك بِمِثْلِهَا ... وَأَنِّي لطّب بالوغى جد عَالم)

فَرَأى عبد الْملك أَنه إِن تَركهم على حَالهم كَأَنَّهُ لم يحكم الْأَمر فَأمر الْوَلِيد بن عِنْد الْملك فَحمل الدِّمَاء الَّتِي كَانَت قبل ذَلِك بَين قيس وتغلب وَضمن الجحاف قَتْلَى الْبشر وألزمه إِيَّاهَا عُقُوبَة لَهُ فَأدى الْوَلِيد الحمالات وَلم يكن عِنْد الجحاف مَا يُؤَدِّي فلحق بالحجاج يسْأَله لِأَنَّهُ من هوَازن فَسَأَلَهُ الْإِذْن فَمَنعه فلقي أَسمَاء بن خَارِجَة فعصب حَاجته بِهِ فَقَالَ إِنِّي لَا أقدر لَك على مَنْفَعَة قد علم الْأَمِير بمكانك

وأبى أَن يَأْذَن لَك

فَقَالَ لَا وَالله لَا ألزمها غَيْرك ثمَّ إِن الْحجَّاج أعطَاهُ مِائَتي ألفٍ وَخمسين ألفا ثمَّ إِن الجحاف تأله بعد ذَلِك وَحج وَمَعَهُ مشيخة قد حزموا أنفسهم ولبسوا الصُّوف وَمَشوا إِلَى مَكَّة وَخرج النَّاس ينظرُونَ إِلَيْهِم وَسمع عبد الله بن عمر الجحاف وَقد تعلق بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة وَهُوَ يَقُول اللَّهُمَّ اغْفِر لي وَمَا أَرَاك تفعل

فَقَالَ لَهُ ابْن عمر يَا هَذَا لَو كنت الجحاف مَا زِدْت على هَذَا القَوْل قَالَ فَأَنا الجحاف فَسكت

وسَمعه مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُمَا وَهُوَ يَقُول ذَلِك فَقَالَ لَهُ يَا عبد الله قنوطك من عَفْو الله أعظم من ذَنْبك

[الألقاب]

جحى أَبُو الْغُصْن دجين بن ثَابت يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الدَّال فِي مَكَانَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>