للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

هُوَ وَأَبوهُ وجدّه سمع الْحسن بن أَحْمد الحدّاد وحدَّث باليسير ومولده سنة أَربع وخمسمئة

٣ - (وَزِير المقتدر)

حَامِد بن الْعَبَّاس بن الْفضل أَبُو مُحَمَّد وَزِير المقتدر لم يزل يتقلّد الْأَعْمَال الجليلة من طساسيج السَّواد ويتصرف مَعَ الْعمَّال وَضمن الْخراج والضياع بِالْبَصْرَةِ وكور دجلة مَعَ الإشراف بكسكر ودستميسان والجامدة وَلم يزل على ذَلِك سِنِين فِي وزارة ابْن الْفُرَات الثَّانِيَة وَيحسن إِلَى أهل هَذِه النواحي وَيرْفَع الْمُؤَن عَنْهُم وَصَارَ لَهُم كَالْأَبِ وَلَا يحجب عَنهُ أكّاراً وَلَا غَيره وَربح أَمْوَالًا جليلة إِلَى الْغَايَة حَتَّى أَمر أَن يعْمل لَهُ حجرَة وَجعل مستراحاً بهَا وَكَانَ يتَقَدَّم إِلَى وَكيله أَن يبْتَاع لَهُ الدَّنَانِير وَيَجِيء إِلَيْهِ بهَا فَكلما حصّل كيساً أَخذه تَحت ثِيَابه وَقَامَ كَأَنَّهُ يَبُول فَيدْخل إِلَى المستراح فيلقي فِيهِ الْكيس وَيخرج من غير أَن يصب فِيهِ مَاء وَلَا يَبُول ويوهم الفرّاش من أَنه قد فعل ذَلِك فَإِذا خرج أقفل المستراح وَلم يدْخلهُ غَيره على رسم مستراحات السَّراة الَّتِي هم يختصُّون بهَا فَإِذا أَرَادَ الدُّخُول فَتحه الْخَادِم المرسوم بِالْوضُوءِ وَذَلِكَ الْخَادِم أَيْضا لَا يعلم السرَّ فِي ذَلِك فَلَمَّا تَكَامل فِيهِ أربعمئة ألف دِينَار قَالَ هَذَا المستراح ضيق قَبِيح الْبناء سدّوه فسدّ وعطِّل المستراح

وَكَانَ حَامِد يُجِيز من يمدحه ويثيب من يَقْصِدهُ وَكَثُرت صدقاته وَصلَاته ورواتبه على النَّاس حَتَّى أَنه اجتاز بواسط رجل من أهل الكرح وَأمر غُلَامه أَن يَشْتَرِي لَهُ خبْزًا بِدِينَار ويتصدّق بِهِ فَأَبْطَأَ الْغُلَام عَلَيْهِ إِلَى أَن تَعَالَى النَّهَار ثمَّ جَاءَ فَقَالَ لَهُ مَا حَسبك قَالَ بتعت الْخبز وَجَلَست عِنْد الخباز أراعي من يجتاز من أهل المسكنة لأفرقه عَلَيْهِم فَلم أر أحدا فَلَمَّا أطلت قَالَ لي الخباز مَا بالك قلت أُرِيد أَن أفرق هَذَا الْخبز على الْمَسَاكِين فَقَالَ الخباز إِنَّك لَا تَجِد أحدا يَأْخُذهُ مِنْك لأنّ جَمِيع من فِي الْبَلَد من الضُّعَفَاء فِي جراية حَامِد بن الْعَبَّاس وَلكُل وَاحِد مِنْهُم فِي الْيَوْم رطلا خبز حوَّاري ودانق فضَّة وَقد مَنعهم من قبُول صَدَقَة غَيره فهم لَا يدعونَ راتبهم الحوَّاري وَيَأْخُذُونَ رطلي خشكار بحبتين وَكَانَ حَامِد بن الْعَبَّاس يقدّم على موائده فِي)

كل يَوْم بِعَدَد من يحضر الموائد جدياً لكل وَاحِد يوضع بَين يَدَيْهِ وَلَا يُشَارِكهُ فِيهِ غَيره فَحَضَرَ يَوْمًا رجلٌ فَلَمَّا رأى ذَلِك هاله وَقَالَ أَيهَا الْوَزير أَنْت أحدثت فِي الطَّعَام من الْكَرم كل شَيْء حسن وَأحسنه أَمر هَذَا الجدي وَهُوَ أمرٌ لم تسبق إِلَيْهِ فَكيف وَقع لَك ذَلِك فَقَالَ كنت مرّة فِي دعوةٍ قبل علوّ حَالي

<<  <  ج: ص:  >  >>