للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فَقَالُوا شِفَاء الحُبِّ حبُّ يُزِيلهُ ... من آخرَ أوْ نأيٌ طول على الهَجْرِ)

قَالُوا فَمَا سمعنَا قطّ أحسن من غنائه تِلْكَ اللَّيْلَة ثمَّ ذكر أَهله وَولده فَبكى بكاء شَدِيدا فَقُلْنَا وَيحك انصرفْ إِلَى أهلك وولدك فَقَالَ قد وَالله هممْتُ بذلك غير مرّة فكأنّما يجرّني إِنْسَان إِلَى هَذِه النَّاحِيَة وإنّي لأجد غمّاً ووسوسة فِي صَدْرِي لم أعهدّها قبل ذَلِك وكأنّ أَهلِي وَوَلَدي قد مُثِّلوا بَين يَدي من شدّة الشوق إِلَيْهِم فلمّا أصبح خرج يُرِيد الْقِتَال فأُخذ أَسِيرًا فَقَالَ للَّذين أَخَذُوهُ إنّ مثلي لَا يُقتل قَالُوا ولمّ قَالَ لأنّي مغنّ حسن الصَّوْت وإنّما أسمعكم مَا يسرّكم قَالُوا هَات فَانْدفع يُغّنيهم فألهاهم عماّ هم فِيهِ من الْحَرْب فاعترضه رجل من أهل الشأم فَقَالَ أحسنْتَ يَا مدنِي ونفحه بِالسَّيْفِ فَرمى بِرَأْسِهِ فمرّ بِهِ بعض القرشيّين فَضَربهُ بِرجلِهِ وَقَالَ إنّ هَهُنَا لحنجرةً حَسَنَة ولمّا عُرضتْ أَسمَاء الْقَتْلَى على يزِيد بن مُعَاوِيَة مرّ بِهِ أُسَمِّهِ فَقَالَ من سائب خاثر صاحبنا قَالَ نعم قَالَ أوّلم يُنادِمْنا فَمَا تَقَمَ علينا حِين خرج مَعَ عدوّنا وَكَانَ لمعاوية فِي سائب رأيٌ حسن وَهوى غَالب وَكَانَ يَصِلُهُ إِذا قدم عَلَيْهِ ويُحْضِرُهُ مَجْلِسَهُ وَيسمع غناءه فَإِذا غَابَ عَنهُ تعاهده بصلته وَمَا قدم على مُعَاوِيَة رجلٌ من قُرَيْش إلاّ رفع السَّائِب خاثر حَاجته لعلمهم رَأْي مُعَاوِيَة فِيهِ فيقضيها لَهُم

٣ - (أَبُو العبّاس الشَّاعِر الْأَعْمَى)

السَّائِب أَبُو العبّاس الشَّاعِر الْأَعْمَى المكّي وَهُوَ وَالِد الْعَلَاء سمع عبد الله بن عَمْرو وَعنهُ عَطاء وَعَمْرو بن دِينَار وحبِيب بن أبي ثَابت وثّقه أَحْمد وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَتُوفِّي فِي حُدُود الْمِائَة وَقَالَ المرزباني فِي مُعْجَمه فِي حقّه هُوَ ابْن فرّوخ مولى لبني جذيمة بن عديّ بن الدئل وَكَانَ هَجَّاءً خبيثاً فَاسِقًا مُبغِضاً لآل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مائلاً إِلَى بني أُميّة مدّاحاً لَهَا وَهُوَ الْقَائِل لأبي الطُفيل عَامر بن وَاثِلَة وَكَانَ شِيعِيًّا من الوافر

(لعمْرك إنّني وَأَبا طفيلٍ ... لمخْتِلفان وَالله الشهيدُ)

)

(لقد ضلّوا بحبّ أبي تُرَاب ... كَمَا ضلّت عَن الْحق اليهودُ)

واستفرغ شعره فِي هجاء آل الزبير غير مُصعب لأنّه كَانَ محسناً إِلَيْهِ وَهُوَ الْقَائِل يهجو موَالِيه من الطَّوِيل

<<  <  ج: ص:  >  >>