للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنذرنا الجفلى لحضور دفن الْمُؤَيد هِشَام ابْن الحكم الْمُسْتَنْصر فرأيتُ أَنا وغيري نعشا وَفِيه شخصٌ مكفّنٌ وَقد شَاهد غسلَه رجلَانِ شَيْخَانِ جليلان حكمان من حكّام الْمُسلمين من عدُول الْقُضَاة فِي بَيت وخارج الْبَيْت أبي رَحمَه الله وَجَمَاعَة عُظَمَاء الْبَلَد ثمَّ صلّينا عَلَيْهِ فِي الوف من النَّاس ثمَّ لم يلبث إِلَّا شهورا نَحْو التِّسْعَة حَتَّى ظهر حَيا وبويع بالخلافة ودخلتُ إِلَيْهِ أَنا وغيري وجلستُ بَين يَدَيْهِ وبقى كَذَلِك ثلثة أَعْوَام غير شَهْرَيْن وأيّام حَتَّى لقد أدّى ذَلِك إِلَى توسوس جمَاعَة لَهُم عقول فِي ظَاهر الْأَمر إِلَى أَن ادعوا حَيَاته حَتَّى الْآن وَزَاد الْأَمر حَتَّى اظهروا بعد ثلث وَعشْرين سنة من مَوته على الْحَقِيقَة إنْسَانا قَالُوا هُوَ هَذَا وسُفِكت بذلك الدِّمَاء)

وهُتِكت الأستار واخليت الديار واثيرت الْفِتَن انْتهى قلت وَقد جرى مثل ذَلِك فِي سنة ثَمَان وثلثين وتسع وثلثين وَسبع ماية وَمَا قبلهَا وَبعدهَا وَهُوَ ظُهُور الَّذِي ادّعى أَنه دمرتاش ابْن جوبان وَجَاء إِلَى أَوْلَاد دمتاش ونسايه وَأَهله ووافقوه على ذَلِك والتف عَلَيْهِ جمَاعَة وَصَارَت لَهُ شَوْكَة وحيف على الشَّام ومصر مِنْهُ إِلَى أَن كفى الله أمره وَقتل وَكَانَ ظُهُوره بعد موت دمرتاش بتسع سِنِين أَو مَا حولهَا والتبس الْحَال فِي أمره على السُّلْطَان الْملك النَّاصِر حَتَّى نبش قَبره وأخرجت عِظَامه من مَكَانهَا برا بَاب القرافة بقلعة الْجَبَل وَكَانَ الْمَذْكُور قد قطع رَأسه وجهز إِلَى الْملك بو سعيد وَكَانَ يدعى أَنه حصل الِاتِّفَاق فِي أمره وهرب من الاعتقال فِي سجن القلعة وَوصل إِلَى الْبَحْر وَركب فِيهِ مركبا وتغيب إِلَى أَن ظهر وَأَن الَّذِي قتل كَانَ غَيره وَلَيْسَ لذَلِك صِحَة أصلا بل الَّذِي قتل وَقطع رَأسه بِحُضُور امناء السُّلْطَان ومماليكه الْخَواص الَّذين لَا يتجاسرون على وُقُوع شىء من ذَلِك ثمَّ أَن ابْن عباد بَقِي كالوزير واستبد بِالْأَمر وَلم يزل لمكاً مُسْتقِلّا إِلَى أَن توفى فِي آخر جُمَادَى الأولى سنة ثلث وثلثين وَأَرْبع ماية وَدفن بقصر اشبيلية وَقَامَ بِالْأَمر بعده وَلَده المعتضد بِاللَّه أَبُو عَمْرو عباد وَقيل إِنَّمَا كَانَ إِقَامَة الَّذِي زعم أَنه هِشَام فِي أَيَّام المعتضد وَمن شعره

(وَيَا سمين حسن المنظر ... يفوق فِي المرأى وَفِي الْمخبر)

(كَأَنَّهُ من فَوق اغصانه ... دَرَاهِم فِي مطرف اخضر)

وَمِنْه

(يَا حبذا الياسمين إِذْ يزهر ... فَوق غصون رطيبة نضر)

(قد امتطى للجلال ذروتها ... فَوق بِسَاط من سندس اخضر)

(كَأَنَّهُ والعيون ترمقه ... زبرجد فِي خلاله جَوْهَر)

٣ - (أَبُو الْحُسَيْن الْكَاتِب المغربي مُحَمَّد بن اسمعيل بن اسحق أَبُو الْحُسَيْن الْكَاتِب)

قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج من بَيت شعر وَكِتَابَة وَكَانَ أَبوهُ من جلة أهل زَمَانه فِي الرياسة وَالْكِتَابَة وَعلم الدَّوَاوِين وأسرار الشّعْر وَكَذَلِكَ وَلَده مُحَمَّد الْمَذْكُور كَانَ شَاعِرًا حَدِيد الخاطر ذلق اللِّسَان مبرزا حسن الْبَصَر بصناعة الشّعْر واورد لَهُ قِطْعَة مِنْهَا فِي فرس أشقر

<<  <  ج: ص:  >  >>