للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ويختال بك الطّرف ... كَمَا يختال نشوان)

(ترَاهُ وَهُوَ لَا يدْرِي ... درى أَنَّك سُلْطَان)

٣ - (أَمِير الْمُؤمنِينَ الطائع)

عبد الْكَرِيم بن الْفضل بن جَعْفَر بن أَحْمد أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو بكر الطائع لله ابْن الْمُطِيع بن المقتدر بن المعتضد بن الْمُوفق طَلْحَة بن المتَوَكل بن الواثق بن المعتصم بن الرشيد بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور العباسي وَأمة أمة تولى الْخلَافَة فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَثَلَاث ماية وقبضوا عَلَيْهِ فِي شعْبَان سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَكَانَت خِلَافَته سبع عشرَة سنة وَتِسْعَة أشهر وَسِتَّة أَيَّام قَالَ أَبُو عَليّ ابْن شَاذان رَأَيْته رجلا مربوعاً كَبِير الْأنف أَبيض أشقر

وَفِي أَنفه يَقُول ابْن حجاج

(خَليفَة فِي وَجهه روشن ... خريسته قد ظلل العسكرا)

(عهدي بِهِ يمشي على دجلة ... وَأَنْفه قد صعد المنبرا)

وَكَانَ الطائع شَدِيد الْحِيَل فِي خلقه حِدة خلعه بهاء الدولة ابْن عضد الدولة بِإِشَارَة الْأُمَرَاء ومعونتهم وسلموا عَيْنَيْهِ وَلما أَجْلِس الْقَادِر فِي الْخلَافَة أسْكنهُ مَعَه فِي زَاوِيَة من قصره رقة لَهُ وَكَانَ يحسن إِلَيْهِ وَيحْتَمل غلظة كَلَامه وَيَقْضِي مُعظم مَا يستقضيه من الْحَوَائِج فكلفه يَوْمًا حَاجَة لم يقدر عَلَيْهَا وَاعْتذر لَهُ بِأَن الديلم غالبون على الْأَمر فَلَمَّا توَسط النَّهَار وَقدم الطَّعَام أَتَوْهُ بعدس مطبوخ فلمسه وَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا عدسية قَالَ أَمن هَذَا أكل أَبُو)

الْعَبَّاس قَالُوا نعم قَالَ إِذا كَانَ جاهه كَمَا رَأَيْنَاهُ أول النَّهَار وَطَعَامه هَذَا فِي وسط النَّهَار كَانَ الأولى بِهِ أَن يقْعد فِي البطيخة وَلَا يتعنى وَلَا يتَكَلَّف مشقة الْخلَافَة فَضَحِك الْقَادِر قَالَ منعناه من رَاحَة الْبَصَر فَلَا نمنعه من رَاحَة اللِّسَان وَكَانَ الطائع قد استعرض جَارِيَة فَأَعْجَبتهُ وَأمر بشرائها فَنَظَرت إِلَيْهِ وَرَأَتْ عظم أَنفه فَقَالَت مَا يقدم على أَن يُبَاع عنْدكُمْ إِلَّا من يوطن نَفسه على المرابطة فِي سَبِيل الله فَضَحِك وَقَالَ إشتروها فَإِن لم يكن عِنْدهَا أدب الْمُلُوك فَعندهَا نَوَادِر الظرفاء وَتُوفِّي رَحمَه الله لَيْلَة عيد الْفطر سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَلَاث ماية وَصلى عَلَيْهِ الْقَادِر وَكبر خمْسا وَحمل إِلَى الرصافة وشيعه الأكابر ورثاه الشريف الرضي بقصيدة مِنْهَا

(مَا رأى حَيّ نزار قبلهَا ... جبلا سَار على أَيدي الرِّجَال)

(وَإِذا رامي الْمَقَادِير رمى ... فدروع الْمَرْء أعوان النصال)

<<  <  ج: ص:  >  >>