للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْهِ فَمَا بَال الْجَبَل لم يؤو والحمى لم يحم والعماد لم يحو وَمَا باله فى مسراته وَأَنا فى ليل الهموم أتوقع تنفس صبحها وأبتهل الى الله تَعَالَى فى طُلُوع شمسها فَعِنْدَ مَا حلت أكف الابتهال عرى الدجى ولاح من تنفس صبح الْوِصَال أشعة الشَّمْس المنى حَال بَين طرفى وسناها قذاة الْعين وأصبحت مصاباً بِعَين أعوذ بِاللَّه من أَن يلهى الشَّيْخ بزخرف المتمشدق أَو تستميله أقاويل المتملق والزخرف عتبَة التلاشى والتمشدق بَاب الهول والاقاويل مَطِيَّة الْكَذِب والدخيل قذال يَد الرَّد والتملق مزراب النِّفَاق ولى فى محبته الود الثَّابِت وَالْقلب الصابر وَاللِّسَان الرطب والفم الشاكر وَله منى الوداد الْمَحْض والقصائد الغر ولى مِنْهُ أنة المتوجع ولوعة الْمُصَاب وحرقة المهجور وخشية المرتاب وَمَا أرَاهُ من اقتفائه اثر المتلبس عَلَيْهِم الامر فى كسر زجاجة ودادى من زيد وَعَمْرو وَلَا غرو قد يدمي الجبين اكليله وتهجر الحسام قيونه وَكَثِيرًا مَا يضل المدلج دَلِيله وتخطى المؤمل ظنونه وَكَانَ مَعَ ظُهُوره بزى الْفُقَرَاء من الدراويش كثير الانفة زَائِد الْكِبْرِيَاء وَالْعجب وَمن هُنَا حرم لذات المعاشرة واستعرض أكدار المذمة وَهَذَا عندى من الْحمق الْعَظِيم مَعَ انه يُنَافِيهِ جودة تخيله فى الشّعْر وَقد يُقَال ان الشّعْر موهبة لَا يتَوَقَّف أمره على وجود الصِّفَات الْكَامِلَة بأسرها وَأما أَمر التَّنَاقُض فى الاحوال فكثير من يبتلى بهَا وهى وصمة لاراد لِلطَّعْنِ فِيهَا بِحَال وَمِمَّا يحسن ايراده فى هَذَا الشان مَا يرْوى عَن الاسكندر انه رأى رجلا عَلَيْهِ ثِيَاب حَسَنَة وَهُوَ يتَكَلَّم بِكَلَام وضيع قَبِيح فَقَالَ لَهُ يَا هَذَا اما ان تَتَكَلَّم بِمثل قدر ثبابك أَو تلبس ثيابًا على قدر كلامك وَقَوْلهمْ نَحن تشاكل بعضك أَصله أَن سكرانا مر وَهُوَ يهلل فَقيل لَهُ ذَلِك انْتهى واشعار فتح الله كَثِيرَة مطبوعة مرغوبة فَمن جيدها قصيدته للامية الَّتِى مطْلعهَا

(غير وَفَاء الحسان يحْتَمل ... وفى سوى الصَّبْر يحسن الامل)

(فَخَل مَا الْقلب فِيهِ مطرب ... لبعده والمزاج منفعل)

(وعد عَن نظرة رميت بهَا ... فَغير جرح اللحاظ يندمل)

(سَمِعت بالوصل ثمَّ هَمت بِهِ ... أكل صب قبل الْهوى غفل)

(دَنَوْت من منهل على ظمأ ... ودونه الْبيض دونهَا الاسل)

(فَمن زلال الْوِصَال خُذ بَدَلا ... فَمَا لمثلى اذا قضى بدل)

<<  <  ج: ص:  >  >>