للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(يَنْمُو كَمَا تنمو الثِّمَار بالعلل ... وَلم يزل دهراً مُجَانب الْعِلَل)

(ويرزق الْقبُول والمحبة ... فَكل من خالطه أحبه)

(وَلم يكن يبغض شخصا إِلَّا ... كَانَ لَدَى الْأَنَام رذلاً نذلا)

(يذبل دهراً ثمَّ يضمحل ... وَعِنْدنَا لكل قسم مثل)

(وَحِكْمَة التَّأْثِير عِنْد الْعَالم ... إِن المليك مثل قلب الْعَالم)

(فَلم يزل مؤثراً للبسط ... وَالْقَبْض شبه آلَة للرّبط)

يَنْبَغِي أَن يعلم أَن مَا تقدم من صَلَاح الزَّمَان وَأَهله فَهُوَ طالعه قَالَ الأبوصيري رَحمَه الله تَعَالَى

(وَإِذا سخر الْإِلَه أُنَاسًا ... لسَعِيد فَإِنَّهُم سعداء)

والمثل مَشْهُور فلأجل عين ألف عين تكرم وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله تَعَالَى خطابا للنَّبِي

{وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم} وَقد اتّفق الْعُقَلَاء من أهل التنجيم أَن للطالع تَأْثِيرا وكل ذَلِك بِمَنْزِلَة الشَّرْط والآلة وَإِلَّا فالتصرف للْفَاعِل الْمُخْتَار لَا لَهُ وَقد منحه الله بِأَنَّهُ مَا توجه لأحد بِالرِّضَا إِلَّا ونما فَمن ذَلِك الْمولى خضر بن عَطاء الله الْمَذْكُور فَإِنَّهُ ورد إِلَى الديار المكية بِحَالَة من الْفقر لَا تذكر فَحل عَلَيْهِ نظره فتقلب فِي النعم إِلَى أَن جنت يَده عَلَيْهِ ورمت بسهام الْغدر إِلَيْهِ وَورد من الْبَصْرَة رجل من أهل الْعلم يُسمى نجم الدّين حصلت لَهُ عِنْده حظوة فنال مِنْهُ خيرا عَظِيما حَتَّى وَقعت مِنْهُ زلَّة قدم ردته إِلَى الحضيض وَكَذَلِكَ أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن ظهيرة فَإِنَّهُ كَانَ فِي غَايَة من الإجلال وَنِهَايَة من الرِّعَايَة حَتَّى تجرأ بِسوء أدبه فعامله بمتعلقات السحر فِي نَفسه الجليلة وَأثر ذَلِك عِنْده مُدَّة طَوِيلَة حَتَّى أطلعه الله ببركة طالعه على هَذَا الْعَمَل فتفحص عَنهُ وَسَأَلَ فَوقف على أَنه الصَّانِع لذَلِك فأدبه بِالضَّرْبِ ثمَّ تَركه وحاله ونبذه ظهريا إِذْ كَانَ بعواقب الْأُمُور غبيا وَبِهَذَا الْقدر يَكْتَفِي اللبيب الْعَاقِل وَلَا بدع فِيمَا ذكر فالملك ظلّ الله على عباده وَقد حكى أَن بعض الْمُلُوك توجه بِجمع قَلِيل على بعض الْبُغَاة وهم طَائِفَة كَبِيرَة فذرأوه وَأَسْلمُوا لَهُ الْبَلَد وَلم يقاتله مِنْهُم أحد فَقيل لَهُم فِي ذَلِك فَقَالُوا رَأينَا بَين يَدَيْهِ شَخْصَيْنِ امتلأنا مِنْهُمَا رعْبًا فَسئلَ بعض الْأَوْلِيَاء عَن ذَلِك فَقَالَ هَذَانِ الْخضر والقطب مَا زَالا يؤيدان كل ملك يقيمه الله ويختاره على عباده وناهيك أَن قلب الْملك بَين إِصْبَعَيْنِ من أَصَابِع الرَّحْمَن يقلبه كَيفَ يَشَاء وَهُوَ بِمَنْزِلَة الْقلب للْعَالم فبسطه يسري إِلَيْهِم وَقَبضه ينشر عَلَيْهِم

(هَذَا وَمَا عَادَاهُ قطّ أحد ... إِلَّا وخاب خيبة لَا تجحد)

<<  <  ج: ص:  >  >>