للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثمَّ اسْتغنى وَنبهَ قدره وَكَانَ وقوراً مهيباً وَله سُكُون وديانة ورياسة واشتهر صيته وعظمت دائرته حَتَّى صَار أَرْبَعَة من مماليكه مثله أَصْحَاب لِوَاء وَعلم مَعَ مَا يتبعهُم من الْجند والكشاف والملتزمين وَله الْآثَار الْحَسَنَة فِي طَرِيق الْحَاج الْمصْرِيّ والحرمين وَكَانَ حسن السِّيرَة خُصُوصا فِي بر الْحجاز فَكَانَ معتنيا بأَهْله يُرْسل صرهم من حِين وُصُوله إِلَى يَنْبع إِلَى مَكَّة ويقسمه عَلَيْهِم قبل وُصُول الْحَاج وكل من لَهُ حَاجَة مِنْهُم بِمصْر قَضَاهَا لَهُ بأيسر حَال وَمكث نيفا وَعشْرين سنة أَمِير على الْحَاج وَفِي أثْنَاء ذَلِك وَقع لَهُ محنة فِي زمن مُحَمَّد باشا سبط رستم باشا الْآتِي ذكره وَكَانَ أذذاك محافظ مصر بِسَبَب أَمر افترى عَلَيْهِ فَعرض فِيهِ الْوَزير الْمَذْكُور إِلَى بَاب السُّلْطَان فجَاء الْأَمر الشريف بعزله عَن إِمَارَة الْحَاج فَلَمَّا بلغه توجه للأعتاب الْعَالِيَة هَارِبا وَاجْتمعَ بالسلطان مُرَاد فحبسه وَأمر بِبيع جَمِيع أملاكه وعقاراته فَبَقيَ مَحْبُوسًا مُدَّة وتكرر اجتماعه بالسلطان مُرَاد فَلم يَأْذَن الله تَعَالَى بإنطلاقه إِلَّا بعد موت السُّلْطَان الْمَذْكُور وتولية أَخِيه السُّلْطَان إِبْرَاهِيم السلطنة ثمَّ أطلق فَعَاد إِلَى مصر وَأخذ جَمِيع مَا ذهب لَهُ بعضه هبة وَبَعضه شِرَاء وانعقدت عَلَيْهِ رياسة مصر وَوَقع لَهُ محنة أُخْرَى فِي زمن أَحْمد باشا فَإِن الْأَمِير رضوَان سعى فِي نقص أَمر الْوَزير الْمَذْكُور وتغييره من مُحَافظَة مصر وفاوض جمَاعَة من الْأَعْيَان فِي ذَلِك فَلم يُوَافقهُ الْجند على ذَلِك وَتوجه الْأَمِير رضوَان إِلَى الْحَج والمنافرة وَاقعَة فراسل الْوَزير الْأَمِير على حَاكم جرجا وَأَلْقَتْ بَينه وَبَين الْأَمِير رضوَان الْعَدَاوَة ونصبه أَمِير الْحَاج مَكَانَهُ وَوجه جرجا لأحد مماليك الْأَمِير عَليّ وَقدم الْأَمِير عَليّ من جرجا إِلَى مصر وَلما قرب قدوم الْحَاج اسْتَشَارَ الْأَمِير على بعض أَصْحَابه فِي اسْتِقْبَال الْأَمِير رضوَان فأشاروا عَلَيْهِ بِأَن يفعل إِلَّا قَلِيلا من الأخصاء فَإِنَّهُم أنكروه فتبع رَأْي الأول وصمم على الإستقبال وَخرج بجمعية عَظِيمَة وَلما اجْتمع هُوَ والأمير رضوَان تسالما وَلم يبد من أَحدهمَا مَا يُغير خاطر الآخر وَكَانَ كل مِنْهُمَا يجل الآخر وَيعرف حَقه وَأَقَامَا يومهما والأمير رضوَان مفكر فِي أَمر الإجتماع بالوزير وَفِيمَا ينجر إِلَيْهِ حَاله فَقَامَ من الْمجْلس وَبَقِي جَمِيع الْأُمَرَاء والأعيان وطلع إِلَى جَانب وَوضع مجنا تَحت رَأسه وَأخذ يفكر فاتفق أَنه جَاءَ فِي ذَلِك الْوَقْت خبر عزل الْوَزير عَن مصر وَأَنه صَار مَكَانَهُ عبد الرَّحْمَن باشا الْخصي وَمر متسلمه على العادلية وَسَار إِلَى مصر فجَاء رجلَانِ إِلَى الْبركَة مَحل نزُول الْحَاج وهما فِي قصد الْأَمِير رضوَان ليبشراه فَلَمَّا أخبرا بمكانه أَسْرعَا إِلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>