للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فصيره نَائِبا لَهُ وأنعم عَلَيْهِ وسما حَظه عِنْد ذَلِك فصيره الْمولى حُسَيْن ابْن أخي مفتي الدولة مدرساً بمدرسة جده الْعَلامَة سعدى الْمحشِي فَترك النِّيَابَة قبل الْعَزْل مِنْهَا وَقدم إِلَى قسطنطينية وَاخْتَلَطَ بأكابر الدولة وَاتفقَ بعد مُدَّة طُلُوع الْوَزير الْأَعْظَم مُحَمَّد باشا المنبسط الْقدَم إِلَى سفر الْعَجم وَكَانَ الروزنامة جي الْمُقدم ذكره عِنْده فِي نِهَايَة الخطوط فَقرب صَاحب التَّرْجَمَة إِلَى خاطر الْوَزير فصيره قَاضِيا ينظر الْأَحْكَام فِي الْعَسْكَر الْمعِين مَعَه فَسَار بِخِدْمَة الْوَزير وَصَارَ لَهُ فِي الطَّرِيق رُتْبَة الدَّاخِل ورتبة الصحن ثمَّ أنعم عَلَيْهِ بِقَضَاء أمد مَعَ بَقَائِهِ فِي الْخدمَة الْمَذْكُورَة وَلما قدم السُّلْطَان مُرَاد إِلَى أَخذ روان وعزل الْمولى أَحْمد بن زين الدّين الْمَعْرُوف بالمنطقي عَن قَضَاء دمشق سعى لَهُ الْوَزير مصطفى باشا السلاحدار نديم السُّلْطَان وَكَانَ إِذْ ذذاك نَائِب الشَّام فأنعم عَلَيْهِ السُّلْطَان بهَا وقدمها وَأظْهر عفة وَمَكَارِم أَخْلَاق وَنِعما لم تعهد من قَاض قبله وَله فِي هَذَا الْبَاب مَنَاقِب غَرِيبَة أورد مِنْهَا وَالِدي المرحوم أَشْيَاء ومدحه شعراء ذَلِك الْعَصْر بالقصائد الطنانة مِنْهُم أَحْمد بن شاهين فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ هَذِه القصيدة وَكَانَ صَاحب التَّرْجَمَة دَعَاهُ إِلَى مَجْلِسه فتمارض وَامْتنع من الْمَجِيء وَكتب إِلَيْهِ يعْتَذر بقوله

(مولَايَ يَا من لَهُ فِي كل جارحة ... مني لِسَان يُؤَدِّي شكرماوجبا)

(وَمن إِذا مَا ذكرنَا حسن عشرته ... وَطيب أخلاقه طرنا بِهِ طَربا)

(وَمن لَهُ فِي فُؤَادِي من محبته ... منَازِل بلغت فِي أفقها الشهبا)

مِنْهَا

(أَنْت الَّذِي مارأينا مثله أبدا ... فضلا وبذلا وخلقا مِنْهُ منتخبا)

(كَأَنَّهُ من معد فِي خلائقه ... وَلَيْسَ مِنْهُ إِذا مَا قَالَ لي نسبا)

(وَلَيْسَ فضل الْفَتى فِي فضل نسبته ... إِن الْفَتى من يعد الْمجد والحسبا)

(أَتَى كتابك فِي أَمر بذلت لَهُ ... وَجها لأمرك فَوق الترب منسحبا)

(موشحا فِي كل أَمر راق مسمعه ... كَأَنَّهُ الدّرّ بكرا لَيْسَ منثقبا)

(وَبت ألثمه حبا وتكرمة ... وَبَات يزعجني قلبا إِلَيْك صبا)

(لَكِن عُذْري بعد عَن ذراك وَذَا ... باد وَعذر مَتى للْعَبد قد وجبا)

(وَلست وَالله إِلَّا عبد تكرمة ... لَا عبد مَخْمَصَة إِن رحب منتسبا)

(فَلَا تظن على مَا فِي من أنف ... أَو انقباض بَان أدعى فاحتجبا)

(وَالله يعلم إِن لم يبْق لي زمن ... فِي أَمر جمعية مَعَ غَيْركُمْ أربا)

<<  <  ج: ص:  >  >>