للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وروان وَكَثِيرًا من القصبات والولايات واستمروا مغلوبين إِلَى أَن ظهر شاه عَبَّاس صَاحب التَّرْجَمَة فولى السلطنة بخراسان فِي سنة خمس وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة مَكَان وَالِده فِي حَيَاته وَكَانَ جُلُوسه بقزوين لكَون وَالِده كَانَ أعمى وَقد استولت فِي أَيَّامه أُمَرَاء قزلباش على الدولة واتخذوها حصصاً فسفك فيهم واستقل بِالْأَمر وَكَانَ فِي ابْتِدَاء أمره يدارى طرف آل عُثْمَان وَيُرْسل ابْن أَخِيه حيدر بالهدايا والتحف إِلَى أَن مَاتَ ملك الأوزبك أوزبك خَان وَولده عبد الْمُؤمن فِي سنة عشر بعد الْألف وَكَانَ مُلُوك الأوزبك أخذُوا من خُرَاسَان بلاداً فاستخلصها وَاحِدَة بعد وَاحِدَة ثمَّ قصد جِدَال عُثْمَان لما كَانَ وَقع من الاختلال بِسَبَب الجلالية الَّذين ظَهَرُوا فِي زمن السُّلْطَان أَحْمد وَنقض الْعَهْد الَّذِي بَينه وَبينهمْ وحاصر مملكة تبريز وروان وَاسْتولى عَلَيْهِمَا ثمَّ أَخذ قندهار من بِلَاد الْهِنْد وَاسْتولى على خوارزم وكيلان وسجستان ثَلَاثَة وَأَرْبَعين سنة وَكَانَ سُلْطَانا صَاحب جاش وَقُوَّة مكر غداراً محتالاً فاسترد بعض الْبِلَاد وتقوى فِي الْعَسْكَر وَالْعدة فَأخذ بَغْدَاد من يَد آل عُثْمَان وَقد قدمنَا سَبَب أَخذه لَهَا وَإنَّهُ كَانَ الْفَاعِل لذَلِك بكر كَبِير عسكرها وَإِن الشاه دَخلهَا بمخامرة مِنْهُ وَمن ابْنه مُحَمَّد وَفعل مَا فعل فِيهَا وَفِي أَهلهَا وَكَانَ أَخذه لَهَا فِي ثَالِث شهر ربيع الثَّانِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَألف واستمرت فِي يَده إِلَى سنة ثَمَان وَأَرْبَعين فَأَخذهَا من يَده السُّلْطَان مُرَاد وَسَنذكر خبر أَخذهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي تَرْجَمَة السُّلْطَان مُرَاد الْمَذْكُور وَمن ذَلِك الْعَهْد لزم شاه عَبَّاس حَدهمْ الْأَصْلِيّ الَّذِي كَانَ فِي زمن الشاه اسماعيل وَلم يتجاوزه لَا هُوَ وَلَا أبناؤه إِلَى يَوْمنَا هَذَا وَطَالَ عمره فِي السلطنة وَبلغ من الْعِزَّة وَالْحُرْمَة نِهَايَة أمانيه وخدمه أجلاء الْعلمَاء فِي مناصبه مِنْهُم الشَّيْخ الاستاذ مُحَمَّد بهاء الدّين بن حُسَيْن الْحَارِثِيّ الْهَمدَانِي الشَّامي فَإِنَّهُ كَانَ مفتيه ومشيد أَرْكَان دولته وباسمه ألف كثيرا من كتبه ورسائله ونوه بِهِ وَقد رَأَيْت فِي بعض كتبه غَرِيبَة حَكَاهَا فِي سِيَاق ذكره قَالَ إِن سُلْطَان زَمَاننَا خلد الله ملكه وأجرى فِي بحار التَّأْبِيد فلكه عرض لَهُ يَوْمًا فِي مصيده خِنْزِير عَظِيم الجثة طَوِيل السن الْخَارِج فَضَربهُ بِالسَّيْفِ ضربه نصفه بهَا نِصْفَيْنِ ثمَّ أَمر بقلع سنه والاتيان بهَا إِلَيْهِ فَوجدَ مَكْتُوبًا عَلَيْهَا لفظ الْجَلالَة بِخَط بَين مُثبت ناتىء مِنْهَا فَحصل لَهُ وَلنَا وَلمن حضر المصيدة من الْعَسْكَر الْمَنْصُور نِهَايَة الْعجب فَإِن ذَلِك من أغرب الغرائب وَلما أرانيها أدام الله نَصره وتأييده قَالَ لي كَيفَ يجْتَمع هَذَا مَعَ نَجَاسَة

<<  <  ج: ص:  >  >>