للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يَمْلِكُ الْمَرْأَةَ وَقَدْ كَانَتْ تَحْتَهُ فَفَارَقَهَا (ص) : (مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ الْأَمَةَ ثَلَاثًا ثُمَّ يَشْتَرِيهَا أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَنْكِحُ الْأَمَةَ فَتَلِدُ

ــ

[المنتقى]

الطَّوْلِ وَخَوْفِ الْعَنَتِ قَبْلَ نِكَاحِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِذَا تَزَوَّجَ أَمَةً لِوُجُودِ الشَّرْطَيْنِ ثُمَّ وَجَدَ بَعْدَ ذَلِكَ الطَّوْلَ وَأَمِنَ الْعَنَتَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِرَاقُ الْأَمَةِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُزَنِيّ فَإِنَّهُ قَالَ يَفْسَخُ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا نِكَاحُ أَمَةٍ انْعَقَدَ لِوُجُودِ شَرْطَيْ الْإِبَاحَةِ فَعَدَمُ أَحَدِ الشَّرْطَيْنِ لَا يَفْسَخُ نِكَاحَهُ كَمَا لَوْ عَدِمَ خَوْفَ الْعَنَتِ.

(فَصْلٌ) :

وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْحُرِّ فَأَمَّا الْعَبْدُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ الْمُسْلِمَةَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ مُسَاوٍ لَهَا فِي الْحُرِّيَّةِ فَجَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا دُونَ عَدَمِ طَوْلٍ وَلَا خَوْفِ عَنَتٍ كَالْحُرِّ يَتَزَوَّجُ الْحُرَّةَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ تَزَوَّجَ الْحُرَّةَ عَلَى الْأَمَةِ أَوْ الْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ فَلَا خِيَارَ لِلْحُرَّةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِنَا إلَّا مَا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ الْحُرَّةَ عَلَى الْأَمَةِ أَوْ الْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ وَلَمْ تَعْلَمْ بِذَلِكَ الْحُرَّةُ فَإِنَّ لَهَا الْخِيَارَ كَمَا لَهَا مَعَ الْحُرِّ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ مَالِكٍ وَالْعَنَتُ هُوَ الزِّنَا هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْمُوَطَّأِ وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ أَصْبَغَ قَالَ بَلَغَنِي عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ الْعَنَتُ الْهَوَى وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ وَأَصْلُ الْعَنَتِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَا يَشُقُّ عَلَى الْإِنْسَانِ وَيُتْعِبُهُ وَيَضَنُّ بِهِ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِيمَنْ بَلَغَتْ حَاجَتُهُ إلَى النِّسَاءِ بِهِ خَوْفَ الزِّنَا وَمَوْجُودٌ فِيمَنْ بَلَغَتْهُ حَاجَتُهُ مَشَقَّةَ الصَّبْرِ الَّذِي لَا يُسْتَطَاعُ عَلَيْهِ وَيُخَافُ مَعَهُ مُوَاقَعَتُهُ فَكِلَا الْوَجْهَيْنِ يَقَعُ عَلَيْهِ اللَّفْظُ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ وَإِنَّمَا يُخَافُ مِنْ الْهَوَى مَا يَعُودُ إلَى الزِّنَا فَكِلَا التَّفْسِيرَيْنِ يَعُودَانِ إلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ الْعَنَتُ الْمَشَقَّةُ وَالْعَنَتُ الْهَلَاكُ وَقِيلَ الزِّنَا.

[مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يَمْلِكُ الْمَرْأَةَ وَقَدْ كَانَتْ تَحْتَهُ فَفَارَقَهَا]

(ش) : قَوْلُهُ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْأَمَةَ بَعْدَ أَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَقَدْ حَرُمَ عَلَيْهِ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا بِكُلِّ سَبَبٍ وَعَلَى كُلِّ وَجْهٍ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ.

وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَطَاوُسٍ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَإِنْ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَلَمْ تَتَزَوَّجْ غَيْرَهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ وَهُوَ قَوْلُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ فِي إبَاحَةِ الْوَطْءِ أَقْوَى مِنْ عَقْدِ الشِّرَاءِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ مَقْصُودُهُ فَإِذَا لَمْ يَسْتَبِحْ وَطْأَهَا بِعَقْدِ النِّكَاحِ فَبِأَنْ لَا نُبِيحَ لَهُ وَطْأَهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَوْلَى وَأَحْرَى.

(ص) : (مَالِك أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ سُئِلَا عَنْ رَجُلٍ زَوَّجَ عَبْدًا لَهُ جَارِيَةً لَهُ فَطَلَّقَهَا الْعَبْدُ أَلْبَتَّةَ ثُمَّ وَهَبَهَا سَيِّدُهَا لَهُ فَهَلْ تَحِلُّ لَهُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَقَالَا لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) .

(ش) : قَوْلُهُمَا فِي الْعَبْدِ تُوهَبُ لَهُ زَوْجَتُهُ أَمَةً بَعْدَ أَنْ كَانَ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ أَنَّهُ لَا يَسْتَبِيحُهَا بِالْهِبَةِ مَا لَمْ تَنْكِحْ زَوْجًا غَيْرَهُ لِأَنَّ مِلْكَهُ إيَّاهَا هِبَةً أَوْ صَدَقَةً أَوْ ابْتِيَاعًا أَوْ مِيرَاثًا لَا يَخْتَلِفُ بِوَجْهِ الْمِلْكِ صِفَةَ الْمِلْكِ فَذَلِكَ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي الْإِبَاحَةِ.

(ص) : (مَالِكٍ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ تَحْتَهُ أَمَةٌ مَمْلُوكَةٌ فَاشْتَرَاهَا وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَقَالَ تَحِلُّ لَهُ بِمِلْكِ يَمِينِهِ مَا لَمْ يُبِتَّ طَلَاقَهَا فَإِنْ بَتَّ طَلَاقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ بِمِلْكِ يَمِينِهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) .

(ش) : قَوْلُهُ فِي الَّذِي يَبْتَاعُ الْأَمَةَ بَعْدَ أَنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً أَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ بِمِلْكِ يَمِينِهِ وَجْهُهُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لَهُ اسْتِبَاحَتُهَا بِالنِّكَاحِ فَلِذَلِكَ جَازَ لَهُ اسْتِبَاحَتُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ كَالْأَجْنَبِيَّةِ لِأَنَّهُ مَلَكَ التَّمَتُّعَ بِعَقْدٍ يُسْتَبَاحُ بِهِ الْوَطْءُ فَإِذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ فِيهِ مِنْ الطَّلَاقِ مَا يَمْنَعُهُ ارْتِجَاعَهَا جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَبِيحَهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَإِذَا كَانَ الَّذِي تَقَدَّمَ لَهُ فِيهَا مِنْ الطَّلَاقِ يَمْنَعُ ارْتِجَاعَهَا فَإِنَّهُ يَمْنَعُ اسْتِبَاحَةَ وَطِئَهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ كَمَا لَوْ ارْتَجَعَهَا وَاسْتَأْنَفَ نِكَاحَهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>