للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الْأَمَةِ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ فَيُصِيبُهَا ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يُصِيبَ أُخْتَهَا إنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى يَحْرُمَ عَلَيْهِ فَرْجُ أُخْتِهَا بِنِكَاحٍ أَوْ عَتَاقَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ يُزَوِّجُهَا عَبْدَهُ أَوْ غَيْرَ عَبْدِهِ) .

النَّهْيُ عَنْ أَنْ يُصِيبَ الرَّجُلُ أَمَةً كَانَتْ لِأَبِيهِ (ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهَبَ لِابْنِهِ جَارِيَةً فَقَالَ لَا تَمَسَّهَا فَإِنِّي قَدْ كَشَفْتهَا) .

ــ

[المنتقى]

وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ عَمَّ وَلَمْ يَخُصَّ أُخْتَيْنِ مِنْ غَيْرِهِمَا وَقَوْلُهُ حَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ يُرِيدُ قَوْله تَعَالَى {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: ٢٣] يُرِيدُ أَنَّهَا عَامَّةٌ فِي تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَلَمْ يَخُصَّ مِلْكَ يَمِينٍ وَلَا غَيْرَهُ فَاتَّفَقَ فِيهِمَا أَهْلُ الْأَمْصَارِ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ عُمُومٌ قَوْله تَعَالَى فِي آيَةِ التَّحْرِيمِ فَهَذِهِ الْآيَةُ عَامَّةٌ فِي الْمِلْكِ وَخَاصَّةٌ فِي الْأُخْتَيْنِ وقَوْله تَعَالَى {أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: ٦] عَامَّةٌ فِي الْأُخْتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا خَاصَّةٌ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ فَكِلَا الْآيَتَيْنِ خَاصَّةٌ مِنْ وَجْهٍ، عَامَّةٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، إلَّا أَنَّ آيَةَ مِلْكِ الْيَمِينِ قَدْ دَخَلَهَا التَّخْصِيصُ بِإِجْمَاعٍ وَهِيَ فِي الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَالْأُمِّ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَطْؤُهُنَّ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَآيَةُ التَّحْرِيمِ لَمْ يَدْخُلْهَا تَخْصِيصٌ فَوَجَبَ حَمْلُهَا عَلَى عُمُومِهَا وَتَخْصِيصُ الْأُخْرَى بِهَا أَوْلَى وَأَحْرَى.

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الْأَمَةِ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ فَيُصِيبُهَا ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يُصِيبَ أُخْتَهَا إنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى يَحْرُمَ عَلَيْهِ فَرْجُ أُخْتِهَا بِنِكَاحٍ أَوْ عَتَاقَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ يُزَوِّجُهَا عَبْدَهُ أَوْ غَيْرَ عَبْدِهِ) .

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّهُ لَا يَحِلُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْمَسِيسِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَلَا غَيْرِهِ وَلَا بَأْسَ بِاجْتِمَاعِهِمَا فِي مِلْكِ يَمِينِهِ وَلَا يَخْلُو أَنْ يَجْتَمِعَا فِي مِلْكِهِ قَبْلَ وَطْءِ إحْدَاهُمَا أَوْ يَبْتَاعُ إحْدَاهُمَا فَيَطَؤُهَا ثُمَّ يَبْتَاعُ الْأُخْرَى فَإِنْ اجْتَمَعَا فِي مِلْكِهِ قَبْلَ الْوَطْءِ فَلَهُ أَنْ يَطَأَ أَيَّتَهمَا شَاءَ فَإِذَا وَطِئَ إحْدَاهُمَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْأُخْرَى حَتَّى يَحْرُمَ عَلَى نَفْسِهِ الَّتِي وَطِئَ لِأَنَّ مَعْنَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي أَنْ يَسْتَبِيحَ وَطْأَهَا وَهُمَا فِي مِلْكِهِ فَإِذَا نَالَ إحْدَاهُمَا حَرُمَ عَلَيْهِ نَيْلُ الْأُخْرَى.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ بَاعَ الَّتِي وَطِئَ ثُمَّ اشْتَرَاهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَ الثَّانِيَةَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ أَيْضًا بَيْنَ أَنْ يَطَأَ أَيَّتَهُمَا شَاءَ لِأَنَّ هَذَا مِلْكٌ جَدِيدٌ لَمْ يَطَأْ فِيهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي اجْتَمَعَتَا فِي مِلْكِهِ قَبْلَ أَنْ يَطَأَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ بَاعَ الَّتِي وَطِئَ ثُمَّ وَطِئَ الْأُخْرَى ثُمَّ اشْتَرَى الْأُولَى فَإِنَّهُ يُقِيمُ عَلَى وَطْءِ الثَّانِيَةِ الَّتِي وَطِئَ بَعْدَ أُخْتِهَا وَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْءُ الْأُولَى لِأَنَّهُ قَدْ اشْتَرَاهَا بَعْدَ أَنْ وَطِئَ أُخْتَهَا وَهِيَ عِنْدَهُ دُونَهَا وَهَذَا حُكْمُ الْمَرْأَةِ مَعَ عَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا بِالنَّسَبِ وَالرَّضَاعِ حَكَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ.

[النَّهْيُ عَنْ أَنْ يُصِيبَ الرَّجُلُ أَمَةً كَانَتْ لِأَبِيهِ]

(ش) : قَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِابْنِهِ حِينَ وَهَبَهُ الْجَارِيَةَ وَلَا تَمَسَّهَا يَقْتَضِي صِحَّةَ مِلْكِ ابْنِهِ لِمَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَإِنَّمَا نَهَاهُ عَنْهَا لِيُعَرِّفَهُ أَنَّهُ قَدْ جَرَى لَهُ فِيهَا مَا حَرَّمَ عَلَى ابْنِهِ وَطْؤُهَا وَالِاسْتِمْتَاعُ بِهَا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنِّي قَدْ كَشَفْتهَا يُرِيدُ أَنَّهُ قَدْ كَشَفَ عَنْهَا وَنَظَرَ إلَى بَعْضِ مَا تَسْتُرُهُ مِنْ جَسَدِهَا عَلَى وَجْهِ طَلَبِ اللَّذَّةِ وَالِاسْتِمْتَاعِ مِنْهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ مَلَكَ أَمَةً فَتَلَذَّذَ مِنْهَا بِتَقْبِيلٍ أَوْ تَجْرِيدٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ أَوْ مُلَاعَبَةٍ أَوْ مُغَامَزَةٍ أَوْ نَظَرٍ إلَى شَيْءٍ مِنْ مَحَاسِنِهَا نَظَرَ شَهْوَةٍ فَكُلُّ ذَلِكَ يُحَرِّمُ عَلَى ابْنِهِ وَعَلَى أَبِيهِ التَّلَذُّذَ بِشَيْءٍ مِنْهَا إنْ مَلَكَهَا بَعْدَهُ وَرَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِك وَزَادَ وَكَذَلِكَ إنْ نَظَرَ إلَى سَاقَهَا أَوْ مِعْصَمِهَا تَلَذُّذًا فَلَا تَحِلُّ لِابْنِهِ وَلَا لِأَبِيهِ.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ إنَّ نَظَرَهُ إلَى فَرْجِهَا أَوْ غَيْرِهِ مِنْ جَسَدِهَا لَا يُحَرِّمُهَا وَقَالَ وَالدَّلِيلُ لِذَلِكَ أَنَّهُ نَظَرَ إلَى جَسَدِهَا مِنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ وَلَا إنْزَالٍ فَلَمْ تَحْرُمْ بِذَلِكَ عَلَى ابْنِهِ أَصْلُ ذَلِكَ إذَا نَظَرَ إلَى وَجْهِهَا مِنْ غَيْرِ لَذَّةٍ وَالدَّلِيلُ لِصِحَّةِ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ هَذَا اسْتِمْتَاعٌ مُبَاحٌ فَوَجَبَ أَنْ تَحْرُمَ بِهِ عَلَى الِابْنِ كَالْوَطْءِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَأَمَّا إنْ نَظَرَ إلَيْهَا عِنْدَ اشْتِرَائِهِ، أَوْ مَرِضَ فَقَامَتْ عَلَيْهِ وَاطَّلَعَتْ عَلَى عَوْرَتِهِ وَمَسَّتْ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ مَرِضَتْ فَقَامَ هُوَ عَلَيْهَا فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ لَا يُحَرِّمُهَا ذَلِكَ عَلَى أَبِيهِ وَلَا عَلَى ابْنِهِ قَالَ أَصْبَغُ وَذَلِكَ عِنْدِي إذَا صَحَّ هَذَا وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ اللَّذَّةِ بِقَلْبٍ وَلَا بَصَرٍ وَلَا يَدٍ وَلَا فِعْلٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ اسْتِمْتَاعٌ وَلَا قَصْدٌ إلَى الِالْتِذَاذِ بِهَا فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى ابْنِهِ كَاسْتِخْدَامِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>