للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمَةُ الْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّةُ تَحِلُّ لِسَيِّدِهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَحِلُّ وَطْءُ أَمَةٍ مَجُوسِيَّةٍ بِمِلْكِ الْيَمِينِ) .

مَا جَاءَ فِي الْإِحْصَانِ (ص) : (مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ الْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ هُنَّ أُولَاتُ الْأَزْوَاجِ وَيَرْجِعُ ذَلِكَ إلَى أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الزِّنَا) .

ــ

[المنتقى]

وَلَدَهُ عِنْدَ مَنْ يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَيَأْكُلُ الْخِنْزِيرَ وَيُغَذِّيهِ وَإِنَّمَا غِذَاءُ اللَّبَنِ بِمَا تَأْكُلُهُ الْمَرْأَةُ وَتُغْلَبُ عَلَى الصَّبِيِّ فَتَضُرُّ بِهِ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ وَيُضَاجِعُهَا الرَّجُلُ وَلَا تَغْتَسِلُ فَتَرْكُ ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وقَوْله تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: ٢٥] قَالَ مَالِكٌ فَهُنَّ الْإِمَاءُ الْمُؤْمِنَاتُ قَالَ مَالِكٌ فَإِنَّمَا أَحَلَّ اللَّهُ فِيمَا نَرَى نِكَاحَ الْإِمَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ يُرِيدُ أَنَّهُ قَدْ أَبَاحَ نِكَاحَ الْإِمَاءِ بِالْإِيمَانِ فَقَالَ تَعَالَى {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: ٢٥] فَقَصَرَ هَذَا الْحُكْمَ عَلَيْهِنَّ دُونَ غَيْرِهِنَّ وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: ٢٢١] عَامٌّ فِي الْإِمَاءِ وَغَيْرِهِنَّ فَأَخْرَجَ بِالتَّخْصِيصِ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ إبَاحَةِ الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ الْفَتَيَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ خَاصَّةً فَبَقِيَ تَحْرِيمُ الْآيَةِ الْعَامَّةِ فِي الْإِمَاءِ اللَّائِي لَسْنَ بِمُؤْمِنَاتٍ بِمَنْعِ نِكَاحِهِنَّ كَمَا بَقِيَ نِكَاحُ الْحَرَائِرِ الْمَجُوسِيَّاتِ وَالْوَثَنِيَّاتِ عَلَى التَّحْرِيمِ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَحْ مِنْهُنَّ بِالتَّخْصِيصِ إلَّا الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ دُونَ الْمُحْصَنَاتِ مِنْ غَيْرِهِنَّ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ تَحِلُّ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَهُ مِنْهَا حُرٌّ فَلَا يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَسْتَرِقَ ابْنَهُ كَافِرٌ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا أَدَّى إلَى أَنْ يَسْتَرِقَ وَلَدَهُ مِنْهَا كَافِرٌ فَلِذَلِكَ جَازَ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَلَمْ يَجُزْ بِالنِّكَاحِ وَأَمَّا الْمَجُوسِيَّةُ فَلَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ يَمِينٍ وَلَا عَقْدِ نِكَاحٍ وَعَلَيْهِ إجْمَاعُ الْفُقَهَاءِ مَا دَامَتْ عَلَى مَجُوسِيَّتِهَا وَإِنْ انْتَقَلَتْ إلَى الْإِسْلَامِ جَازَ نِكَاحُهَا وَوَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَيَجُوزُ ذَلِكَ فِيهَا بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهَا قَبْلَ أَنْ تُصَلِّيَ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَاحْتَجَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: ٢٢١] وَالْإِيمَانُ يَكُونُ بِإِظْهَارِ الشَّهَادَةِ وَالِاعْتِقَادِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ عَمَلٍ وَلَا صَلَاةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكُمُ.

[مَا جَاءَ فِي الْإِحْصَانِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ]

(ش) : قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّ الْمُحْصَنَاتِ مِنْ النِّسَاءِ هُنَّ أُولَاتُ الْأَزْوَاجِ قَدْ قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَقَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ التَّابِعِينَ.

وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءَ وَطَاوُسٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ جَمَاعَةُ النِّسَاءِ إلَّا مَنْ أُحِلَّ لَهُ بِالتَّزْوِيجِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ فَتَأَوَّلَ قَوْمٌ مِمَّنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُمْ أَنَّ الْمُحْصَنَاتِ جَمَاعَةُ النِّسَاءِ إلَّا مَنْ أُحِلَّ لَهُ بِالتَّزْوِيجِ قَالَ وَإِنَّمَا قَالُوا بِذَلِكَ جُمْلَةً وَلَمْ يَبْلُغُوا بِهِ اسْتِقْصَاءَ التَّفْسِيرِ وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي تَفْسِيرِهَا إنَّمَا حَرَّمَ الزِّنَى فَلَمْ يُبَيِّنُوا أَيْضًا مَذْهَبَهُمْ وَإِنَّمَا جَاءَ حَقِيقَةُ التَّفْسِيرِ مِنْ مَعْنَاهُ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مَنْ قَالَ إنَّ ذَلِكَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُ الرَّجُلِ مِنْ الْمُسْلِمَاتِ فَإِنَّ لَهُ إذَا اشْتَرَاهَا وَلَهَا زَوْجٌ أَنْ يَغْشَاهَا وَالْقَوْلُ الْآخَرُ مَا جَاءَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ فِي سَبْيٍ أَوْ طَاسٍ فَإِنَّ الْآيَةَ إنَّمَا نَزَلَتْ فِي النِّسَاءِ اللَّاتِي لَهُنَّ أَزْوَاجٌ فِي بَلَدِ الشِّرْكِ فَإِذَا سُبِينَ انْقَطَعَتْ الْعِصْمَةُ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ أَزْوَاجِهِنَّ وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ فَإِنَّ نِكَاحَ الْعَبْدِ الْأَمَةَ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا وَنِكَاحَ الْحُرِّ لَهَا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا إذَا لَمْ يَجِدْ طَوْلًا وَخَافَ الْعَنَتَ بَانَتْ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ يَجُوزُ نَقْضُهُ إلَّا بِحَجَّةٍ وَلَا نَعْلَمُ لِلَّذِينَ قَالُوا خِلَافَ هَذَا الْقَوْلِ حُجَّةً يُرِيدُ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ الرَّدَّ عَلَى مَنْ قَالَ بَيْعُ الْأَمَةِ طَلَاقَهَا وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَيُرِيدُ أَنَّهُمْ لَمْ يُتِّمُوا التَّفْسِيرَ الَّذِي أَشَارُوا إلَيْهِ وَمَا قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ مَعْنَاهُ عِنْدَهُ أَنَّهُ حَرَّمَ ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ إلَّا مَا مَلَكَتْ الْيَمِينُ بِابْتِيَاعِ جَارِيَةٍ لَهَا زَوْجٌ فَإِنَّهَا تَحِلُّ لَهُ لِأَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ يَفْسَخُ نِكَاحَ زَوْجِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>