للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ يُحْصِنُ الْعَبْدُ الْحُرَّةَ إذَا مَسَّهَا بِنِكَاحٍ وَلَا تُحْصِنُ الْحُرَّةُ الْعَبْدَ إلَّا أَنْ يُعْتَقَ وَهُوَ زَوْجُهَا فَيَمَسَّهَا بَعْدَ عِتْقِهِ فَإِنْ فَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يُعْتَقَ فَلَيْسَ بِمُحْصَنٍ حَتَّى يَتَزَوَّجَ بَعْدَ عِتْقِهِ وَيَمَسَّ امْرَأَتَهُ) .

ــ

[المنتقى]

الْإِحْصَانَ وَلَمْ يُفَصِّلْ قَالَ وَهَكَذَا كُلُّ مَا نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ مُوَاقَعَةِ الْجِمَاعِ فِيهِ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَا كَانَ مِنْ صِيَامِ نَذْرٍ مَعِينٍ أَوْ صِيَامِ رَمَضَانَ أَوْ كَفَّارَةِ قَتْلٍ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ يَمِينٍ أَوْ فِدْيَةٍ أَذًى أَوْ كُلِّ صَوْمٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَاجِبٍ فَهَذَا الَّذِي اخْتَلَفَ فِيهِ أَصْحَابُنَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا صِيَامُ التَّطَوُّعِ أَوْ قَضَاءُ رَمَضَانَ أَوْ نَذْرٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَمُجْمَعٌ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الْوَطْءَ فِي ذَلِكَ يُحِلُّ وَيُحْصِنُ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمُ الْإِحْصَانِ] ١

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمُ الْإِحْصَانِ) حُكْمُ الْإِحْصَانِ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَيَتَّفِقَا عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ الْإِحْصَانُ لِلْمُقِرِّ وَلَا لِلْمُنْكِرِ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ وَزَادَ سَحْنُونٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ يَقُولُ لَهَا أَنْ تُسْقِطَ مَا أَقْرَرْت بِهِ مِنْ الْإِحْصَانِ قَبْلَ أَنْ يُوجَدَ فِي زِنًا وَبَعْدَهُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْإِحْصَانَ حُكْمٌ يَلْزَمُهَا بِالْوَطْءِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ بِهِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي مَا احْتَجَّ الْقَائِلُ بِهِ مِنْ أَنَّ لِلزَّوْجَةِ إذَا كَانَتْ هِيَ الْمُقِرَّةُ أَنْ تَقُولَ أَرَدْت بِالْإِقْرَارِ أَخْذَ الْمَهْرِ وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَقُولَ أَرَدْت أَنْ أُثْبِتَ عَلَيْهَا الرَّجْعَةَ وَأُوجِبَ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ، وَالْحُدُودُ تُؤَثِّرُ فِي إسْقَاطِهَا الشُّبْهَةُ، وَلَمَّا كَانَ يَجُوزُ إسْقَاطُ الْحَدِّ جُمْلَةً بِالرُّجُوعِ عَنْ الْإِقْرَارِ فَكَذَلِكَ يَجُوزُ إسْقَاطُ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ بِالْإِنْكَارِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَالرُّجُوعِ إلَى شُبْهَةٍ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ طَالَتْ مُدَّةُ مَقَامِهَا عِنْدَ الزَّوْجِ الْعِشْرِينَ سَنَةً وَنَحْوِهَا ثُمَّ وُجِدَتْ تَزْنِي فَأَنْكَرَتْ وَطْءَ الزَّوْجِ وَأَقَرَّ بِهِ الزَّوْجُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ هِيَ مُحْصَنَةٌ قَالَ سَحْنُونٌ وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ الرُّوَاةِ لِأَنَّهَا تُرِيدُ أَنْ تَدْفَعَ بِإِنْكَارِهَا حَقًّا وَجَبَ، لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا فِيهِ دَعْوَى، وَفِي كِتَابِ الرَّجْمِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إنْ طَالَ مَقَامُهَا مَعَهُ ثُمَّ زَنَى فَقَالَ لَمْ أُجَامِعْهَا، إنَّهُ إنْ لَمْ يُعْلَمْ وَطْؤُهُ إيَّاهَا بِوَطْءٍ ظَاهِرٍ أَوْ إقْرَارٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَيَحْلِفُ، فَإِنْ عُلِمَ مِنْهُ إقْرَارٌ بِالْوَطْءِ رُجِمَ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ وَهَذِهِ خَيْرٌ مِنْ الَّتِي فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ إنَّ حَدَّهَا الرَّجْمُ إذَا أَنْكَرَتْ الْوَطْءَ بَعْدَ الزِّنَا وَلَوْ لَمْ يَبِتْ عِنْدَهَا إلَّا لَيْلَةً وَاحِدَةً قَالَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ.

(فَرْعٌ) : وَهَذَا إذَا كَانَ بَعْدَ الزِّنَا وَأَمَّا إذَا طَالَتْ الْمُدَّةُ وَاخْتَلَفَا فِي الْوَطْءِ قَبْلَ الزِّنَا فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ مُحْصَنَةً وَإِنْ كَانَ قَدْ أَقَامَ مَعَهَا الدَّهْرَ الطَّوِيلَ وَالسِّنِينَ الْكَثِيرَةَ فَارَقَهَا فِي ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُفَارِقْهَا رَوَاهُ مُحَمَّدٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ لِأَنَّ طُولَ الْمُقَامِ لَا يَمْنَعُهَا إنْكَارَ الْوَطْءِ كَمَا لَوْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ الْعَنَتَ لَكَانَ لَهَا ذَلِكَ بَعْدَ طُولِ الْمُدَّةِ فَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا مِثْلُهُ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ الْعَبْدَ يُحْصِنُ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَقَالَ عَطَاءُ لَا يُحْصِنُهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ هَذِهِ مَوْطُوءَةٌ بِنِكَاحٍ عَرَا عَنْ الْفَسَادِ وَالْخِيَارِ وَقَدْ وُجِدَتْ فِيهَا صِفَاتُ الْإِحْصَانِ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ مُحْصَنَةً كَمَا لَوْ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعَبْدَ إنَّمَا يُحْصِنُ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ بِنِكَاحٍ أَذِنَ فِيهِ السَّيِّدُ فَإِنْ أَصَابَهَا بِنِكَاحٍ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ سَيِّدُهُ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَلَا خِلَافَ عَلَى الْمَذْهَبِ نَعْلَمُهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ الْإِحْصَانُ وَإِنْ أَجَازَ السَّيِّدُ النِّكَاحَ بَعْدَ أَنْ وَطِئَهَا فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُحْصِنُهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ وَطِئَهَا وَكَذَلِكَ كُلُّ وَطْءٍ فِيهِ خِيَارٌ لَا حَدَّ فِيهِ كَوَطْءِ الْمَجْبُوبِ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَجْذُومِ قَبْلَ أَنْ تَعْلَمَ الزَّوْجَةُ دَاءَهُ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْإِحْصَانُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ الْإِجَازَةِ فَلَا خِلَافَ نَعْلَمُهُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْإِحْصَانَ يَحْصُلُ لِلزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ لِأَنَّهُ وَطْءٌ كَامِلٌ لَا خِيَارَ فِيهِ لِأَحَدٍ صَادَفَ مَنْ كَمُلَتْ لَهُ صِفَاتُ الْإِحْصَانِ فَوَجَبَ أَنْ يُحْصَنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>