للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ إذَا مَلَكَتْهُ امْرَأَتُهُ أَوْ الزَّوْجُ يَمْلِكُ امْرَأَتَهُ إنْ مَلَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ يَكُونُ فَسْخًا بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَإِنْ تَرَاجَعَا بِنِكَاحٍ بَعْدُ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْفُرْقَةُ طَلَاقًا) .

ــ

[المنتقى]

وَالتَّأَمُّلَ وَبَيَّنَ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ سَأُشَاوِرُ نَفْسِي أَوْ مَا أَشْبَهَهُ فَإِنَّ لِهَذَا أَنْ يُجِيزَ أَوْ يَفْسَخَ وَإِنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ وَأَمَّا إنْ قَالَ لَا أُجِيزُ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُرَادَ بِهِ فَهَذَا لَهُ أَنْ يُجِيزَ مَا دَامَ فِي مَقَامِهِ وَيُصَدَّقُ السَّيِّدُ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ فِيمَا زَعَمَ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ لَا أُجِيزُ وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَالَ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ مَا لَمْ يَقُمْ فَإِنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ لَمْ تَكُنْ لَهُ الْإِجَازَةُ وَهَذَا كُلُّهُ مَعْنَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ قِيَامَهُ مِنْ مَجْلِسِهِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ مُرَادَهُ نِسْبَةٌ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّ مُرَادَهُ التَّفْرِيقُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ أَرَادَ السَّيِّدُ الْفَسْخَ بَعْدَ الْقِيَامِ مِنْ الْمَجْلِسِ وَقَدْ بَيَّنَ فِي الْمَجْلِسِ أَنَّهُ يُرِيدُ اسْتِدَامَةَ الْخِيَارِ فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَسْتَمْتِعَ الْعَبْدُ بِزَوْجِهِ بَعْدَ عِلْمِ السَّيِّدِ بِنِكَاحِهِ عَلَى وَجْهٍ كَانَ يَقْدِرُ سَيِّدُهُ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ لَهُ الْفَسْخُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَمْتَعَ بِهَا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ التَّمْكِينِ وَذَلِكَ أَبْيَنُ مَا يَكُونُ مِنْ الْإِجَازَةِ وَمِثْلُ ذَلِكَ أَنْ يَعْلَمَ السَّيِّدُ بِنِكَاحِ عَبْدِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ رَآهُ يَدْخُلُ عَلَيْهَا فَلَمْ يَمْنَعْهُ فَإِنَّ النِّكَاحَ جَائِزٌ وَالصَّدَاقُ عَلَى الْعَبْدِ وَنَحْوُهُ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ] ١

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ) الْعَبْدُ لَا يَخْلُو أَنْ يَنْكِحَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ نَكَحَ بِإِذْنِهِ فَالْمَهْرُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ لَيْسَ عَلَى السَّيِّدِ مِنْهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ ذَلِكَ وَمَعْنَى ذِمَّةِ الْعَبْدِ مَا يَطْرَأُ لَهُ بَعْدَ النِّكَاحِ مِنْ مَالٍ بِصَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَبِهِ يَتَعَلَّقُ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجَةِ دُونَ مَكَاسِبِهِ الَّتِي هِيَ عِوَضُ حَرَكَاتِهِ بِصَنْعَةٍ أَوْ خِدْمَةٍ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ فِي مَكْسَبِهِ الَّذِي هُوَ عِوَضٌ مِنْ حَرَكَاتِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ إذْنَ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ فِي النِّكَاحِ لَمَّا كَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْ مِلْكِهِ شَيْئًا وَمِنْ رَقَبَتِهِ فَكَذَلِكَ لَا يَخْرُجُ عَنْهُ حَقًّا مِنْ مَنَافِعِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إنْ كَانَ نَكَحَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَأَنْكَرَ السَّيِّدُ قَدْرَ الْمَهْرِ فَإِنْ كَانَ مَهْرَ مِثْلِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهِ لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ عَلَى السَّيِّدِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ فَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ السَّيِّدُ وَاعْتَرَضَ فِيهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَالزَّوْجَةُ مُخَيَّرَةٌ بَيْنَ أَنْ تَرْضَى مِنْ ذَلِكَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَبَيْنَ أَنْ تَمْتَنِعَ فَيُفْسَخُ النِّكَاحُ فَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَاعْتَرَضَ فِيهِ بَعْدَ لُزُومِ النِّكَاحِ وَفَوَاتِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ إطْلَاقَ الْإِذْنِ إنَّمَا يَقْتَضِي الْمُعْتَادَ فَلَا يَلْزَمُهُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَ نَكَحَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَأَجَازَ السَّيِّدُ فَلَهَا جَمِيعُ الْمَهْرِ لِأَنَّ إجَازَتَهُ لِلنِّكَاحِ إجَازَةٌ لِلْمَهْرِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَمُحَمَّدٌ وَإِنْ فَسَخَ النِّكَاحُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الْمَهْرِ وَإِنْ فَسَخَهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ اسْتَرَدَّهُ السَّيِّدُ إلَّا قَدْرَ مَا يَسْتَحِلُّ بِهِ وَهُوَ رُبْعُ دِينَارٍ لِأَنَّ الْمَالَ مَالُ السَّيِّدِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ السَّيِّدِ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ التَّصَرُّفُ فِيهِ إلَّا بِإِذْنِهِ وَأَمَّا مَا ارْتَجَعَ مِنْ الْمَهْرِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنَّهُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ فَلَا يَكُونُ عَلَى السَّيِّدِ شَيْءٌ مِنْهَا سَوَاءٌ نَكَحَ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْعَبْدِ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَحَبُّ إلَيَّ إذَا نَكَحَ الْعَبْدُ أَنْ تَشْتَرِطَ عَلَيْهِ النَّفَقَةَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ تَعَلُّقِ حَقِّ السَّيِّدِ بِمَالِ الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا فِيهَا وَقَدْ فَسَّرْته فِي بَابِ جَامِعِ الطَّلَاقِ.

(فَرْعٌ) وَالسَّيِّدُ أَوْلَى بِخَرَاجِهِ وَبِمَا فِي يَدِهِ فَإِنْ وَجَدَ الْعَبْدُ مَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ وَإِلَّا تَلُومُ لَهُ فَإِنْ وَجَدَ نَفَقَةً وَإِلَّا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا كَالْحُرَّةِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مِلْكَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ فَسْخٌ لِنِكَاحِهِ لِأَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ يُنَافِي النِّكَاحَ وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَتَهُ وَلَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ عَبْدَهَا وَلَمَّا كَانَ مِلْكُ الْيَمِينِ أَقْوَى لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>