للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غُسْلُ الْمَرْأَةِ إذَا رَأَتْ فِي الْمَنَامِ مِثْلَ مَا يَرَى الرَّجُلُ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ «أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَرْأَةُ تَرَى فِي الْمَنَامِ مِثْلَ مَا يَرَى الرَّجُلُ أَتَغْتَسِلُ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعَمْ فَلْتَغْتَسِلْ فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ أُفٍّ لَك وَهَلْ تَرَى ذَلِكَ الْمَرْأَةُ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرِبَتْ يَمِينُك وَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ» )

ــ

[المنتقى]

مِنْهُ الْأَنْزَالُ بِمَا يَرَاهُ فِي النَّوْمِ فَيَنْسَى ذَلِكَ جُمْلَةً وَلَا يَذْكُرُهُ فَهَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاغْتِسَالُ لِأَنَّهُ أَنْزَلَ مُلْتَذًّا وَخَرَجَ مِنْهُ الْمَنِيُّ عَلَى الْوَجْهِ الصَّحِيحِ مِنْ مُقَارَنَةِ اللَّذَّةِ وَإِنَّمَا ذَهَبَ عَنْهُ ذِكْرُ ذَلِكَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَيَرَى وَلَا يَحْتَلِمُ يُرِيدُ يَرَى فِي نَوْمِهِ يُجَامِعُ وَلَا يُنْزِلُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ غُسْلٌ لِأَنَّ الْغُسْلَ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَوْ بِإِنْزَالِ الْمَاءِ الدَّافِقِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فَمَتَى رَأَى الْمُحْتَلِمُ أَنَّهُ يُجَامِعُ وَلَا يُنْزِلُ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ أَحَدُ أَمْرَيْنِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَعَادَ مَا كَانَ صَلَّى لِآخِرِ نَوْمَةٍ نَامَهَا وَلَمْ يُعِدْ مَا كَانَ قَبْلَهُ احْتَجَّ بِذَلِكَ عَلَى إعَادَةِ مَا صَلَّى بَعْدَ النَّوْمِ وَلَمْ يُفَرِّقْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ يَنَامُ فِي هَذَا الثَّوْبِ أَوْ يَنَامُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عُمَرَ مُحْتَمَلٌ وَيَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ قَدْ اغْتَسَلَ قَبْلَ أَحْدَثِ نَوْمَةٍ نَامَهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَكَرَ احْتِلَامَهُ لَمَّا رَأَى الْمَنِيَّ فِي ثَوْبِهِ أَوْ لَعَلَّهُ قَدْ وَجَدَ فِيهِ مَا دَلَّهُ عَلَى حُدُوثِهِ مِنْ رُطُوبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَأَى فِي ذَلِكَ رَأْيَ مَالِكٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[غُسْلُ الْمَرْأَةِ إذَا رَأَتْ فِي الْمَنَامِ مِثْلَ مَا يَرَى الرَّجُلُ]

(ش) : قَوْلُهَا «الْمَرْأَةُ تَرَى فِي الْمَنَامِ مِثْلَ مَا يَرَى الرَّجُلُ تُرِيدُ مِنْ الْإِنْزَالِ وَالِاحْتِلَامِ أَتَغْتَسِلُ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعَمْ فَلْتَغْتَسِلْ» فَأَخْبَرَهَا أَنَّ حُكْمَهَا فِي ذَلِكَ الْغُسْلِ حُكْمُ الرَّجُلِ يَرَى ذَلِكَ «فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ أُفٍّ لَك عَلَى مَعْنَى الْإِنْكَارِ لِقَوْلِهَا وَالْإِغْلَاظِ عَلَيْهَا لِمَا أَخْبَرَتْ بِهِ عَنْ النِّسَاءِ» قَالَتْ وَهَلْ تَرَى ذَلِكَ الْمَرْأَةُ «فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرِبَتْ يَمِينُك» قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ مَا أُرَاهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ إلَّا خَيْرًا وَمَا الْإِتْرَابُ إلَّا الْغِنَى فَرَأَى أَنَّ تَرِبَ لَيْسَ مِنْ الْإِتْرَابِ بِسَبِيلٍ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ التُّرَابِ.

وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ مَعْنَاهُ أَضَعُفَ عَقْلُك أَتَجْهَلِينَ هَذَا وَقَدْ قِيلَ أَنَّ مَعْنَاهُ افْتَقَرَتْ يَدَاك مِنْ الْعِلْمِ وَمَعْنَاهُ عَلَى هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إذْ جَهِلْت مِثْلَ هَذَا فَقَدْ قَلَّ حَظُّك مِنْ الْعِلْمِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ كَيْسَانَ.

وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ مَعْنَاهُ الْحَضُّ عَلَى تَعَلُّمِ مِثْلِ هَذَا كَمَا تَقُولُ اُنْجُ ثِكْلَتك أُمُّك لَا يُرِيدُ أَنْ تُثْكَلَ وَقَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَى تَرِبَتْ يَدَاك أَصَابَهَا التُّرَابُ وَلَمْ يَدْعُ عَلَيْهَا بِالْفَقْرِ.

وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ أَنَّهُ تَرِبَتْ بِالتَّاءِ يُرِيدُ اسْتَغْنَتْ مِنْ التُّرَابِ الَّذِي هُوَ الثَّبَجُ وَقَالَ هِيَ لُغَةُ الْقِبْطِ صَيَّرُوا التَّاء ثَاءً حَتَّى جَرَى عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَرَبِ كَمَا أَبْدَلُوا مِنْ التَّاءِ فَاءً وَالْأَظْهَرُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاطَبَهَا عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي تُخَاطِبْهَا وَهُمْ يُسْتَعْلَمُونَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ عِنْدَ الْإِنْكَارِ لِمَنْ لَا يُرِيدُونَ فَقْرَهُ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهَا افْتَقَرَتْ يَدَاك يُقَالُ تَرِبَ فُلَانٌ إذَا افْتَقَرَ فَلَصِقَ بِالتُّرَابِ وَأَتْرَبَ إذَا اسْتَغْنَى صَارَ مَالُهُ كَالتُّرَابِ كَثْرَةً وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِعَائِشَةَ عَلَى وَجْهِ التَّأْدِيبِ لَهَا لِإِنْكَارِهَا مَا أَقَرَّ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يُقِرُّ إلَّا عَلَى الصَّوَابِ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «اللَّهُمَّ فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَبَبْته فَاجْعَلْ ذَلِكَ لَهُ قُرْبَةً إلَيْك يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فَلَا يَمْتَنِعُ عَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِتُؤْجَرَ وَلِيُكَفَّرَ بِهَا مَا قَالَتْهُ لِأُمِّ سُلَيْمٍ وَرَوَى حَبِيبٌ عَنْ مَالِكٍ تَرِبَتْ بِمَعْنَى خَسِرَتْ وَهُوَ بِمَعْنَى مَا قَدَّمْنَاهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ امْتَلَأَتْ تُرَابًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ «مِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ» يُرِيدُ شَبَهَ الِابْنِ لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ لِأَقَارِبِهِ مِنْهُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>