للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

الْإِيلَاءِ كَالْخَصِيِّ وَكَاَلَّذِي يَقْطَعُ ذَكَرَهُ بَعْدَ الْإِيلَاءِ فَلَيْسَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَوْقِيتٌ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْخَصِيِّ: إنَّ إيلَاءَهُ لَازِمٌ وَيُوَقِّتُ عَلَى سَنَةٍ أَجَلَ الْإِيلَاءِ؛ لِأَنَّ لَهَا مَنْفَعَةً يَلْتَذُّ بِهَا مِنْ مُبَاشَرَةٍ وَغَيْرِهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا آلَى الصَّبِيُّ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ فَلَا يَلْزَمُهُ الْآنَ وَلَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَلَيْسَ بِمُولٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِيلَاءَ يَمِينٌ، وَالْأَيْمَانُ لَا تَنْعَقِدُ مِنْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَبْسُوطِ: وَكَذَلِكَ مَنْ آلَى مِنْ صَغِيرَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى تَبْلُغَ حَدَّ الْوَطْءِ فَمِنْ يَوْمئِذٍ يَكُونُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَالِفَ كَبِيرٌ يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ، إنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ حُكْمُ الْإِيلَاءِ، وَالتَّوْقِيتِ لَمَّا حَلَفَ عَلَى مَنْ لَا حَقَّ لَهَا فِي الِاسْتِمْتَاعِ فَلَمَّا بَلَغَتْ حَدَّ الْوَطْءِ وَصَارَ لَهَا حَقٌّ فِيهِ لَزِمَتْ الْيَمِينُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَكَانَ أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ ثَبَتَ لَهَا فِي الْوَطْءِ حَقٌّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابٌ الْإِيلَاءُ يَثْبُتُ حُكْمُهُ بِكُلِّ يَمِينٍ] ١

(بَابٌ: الْإِيلَاءُ يَثْبُتُ حُكْمُهُ بِكُلِّ يَمِينٍ يَجِبُ عَلَى الْحَالِفِ بِهَا شَيْءٌ كَالْحَالِفِ بِاَللَّهِ أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ) قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: مِثْلُ أَنْ يَحْلِفَ بِسُلْطَانِ اللَّهِ أَوْ بِقُدْرَتِهِ أَوْ بِذِمَّتِهِ أَوْ بِرَحْمَتِهِ أَوْ بِنُورِهِ أَوْ بِحَمْدِهِ أَوْ شَأْنِهِ زَادَ فِي الْمَبْسُوطِ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَوْ عَظَمَتِهِ، وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ بِجَلَالِ اللَّهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ صِفَاتِهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ أَيْمَانٌ تَلْزَمُ بِهَا الْكَفَّارَةُ فَثَبَتَ بِهَا حُكْمُ الْإِيلَاءِ كَقَوْلِهِ لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ قَالَ: أُقْسِمُ بِاَللَّهِ أَوْ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَوْ أَعْزِمُ بِاَللَّهِ فَفِي الْمَبْسُوطِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ يَكُونُ مُولِيًا، وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا يَمِينٌ بِاَللَّهِ، فَإِنْ قَالَ أَحْلِفُ أَوْ أُقْسِمُ أَوْ أَشْهَدُ أَوْ أَعْزِمُ وَلَمْ يَقُلْ بِاَللَّهِ قَالَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ بِهِ إيلَاءٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِاَللَّهِ وَنَوَاهُ فَيَكُونُ يَمِينًا وَيَكُونُ مُولِيًا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَالْمَبْسُوطِ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَشْهَدُ وَلِعَمْرِي لَيْسَ بِيَمِينٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِاَللَّهِ فَيَكُونُ مُولِيًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَعْزِمُ أَوْ أَعْزِمُ عَلَى نَفْسِي عِنْدِي مِثْلُ قَوْلِهِ أُقْسِمُ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِيمَنْ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا أُكَلِّمَ فُلَانًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ فَيَكُونُ يَمِينًا وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْقَائِلِ أَقْسَمْت أَنْ لَا أُكَلِّمَ فُلَانًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ أَحْلِفُ أَنْ لَا أُكَلِّمَ فُلَانًا يَمِينٌ قَالَ وَلَيْسَ قَوْلُهُ: أَعْزِمُ أَنْ لَا أُكَلِّمَ فُلَانًا يَمِينٌ، فَإِنْ قَالَ أَعْزِمُ بِاَللَّهِ فَلَا أَشُكُّ أَنَّهَا يَمِينٌ، فَإِنْ قَالَ أَعْزِمُ عَلَيْك بِاَللَّهِ فَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ، وَهُوَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ قَوْلِك: أَسْأَلُك بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا فَلَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ أَوْ قَالَ عَلِيَّ ذِمَّةُ اللَّهِ أَوْ قَالَ عَلَيَّ نَذْرُ ذَلِكَ كُلُّهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَبْسُوطِ وَوَجْهُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ حَلَفَ بِالصِّيَامِ أَنْ لَا يَطَأَ امْرَأَتَهُ فَقَالَ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ صِيَامُ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ فَهُوَ مُولٍ، وَهَكَذَا عَلَى مَا يَلْزَمُهُ مِنْ حَجٍّ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ فِي الْجَدِيدِ: لَا يَكُونُ مُولِيًا إلَّا بِالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: ٢٢٦] وَلَمْ يُفَرِّقْ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذِهِ يَمِينٌ لَزِمَهُ بِهَا حُكْمٌ فَثَبَتَ بِهَا حُكْمُ الْإِيلَاءِ أَصْلُ ذَلِكَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ إنْ آلَى مِنْهَا بِصِيَامٍ فَهُوَ مُولٍ وَمَعْنَى ذَلِكَ بِصِيَامٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ قِلَّتَهُ مِنْ كَثْرَتِهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا آلَى مِنْهَا بِصِيَامِ يَوْمٍ وَاحِدٍ أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا.

(فَرْعٌ) : فَإِنْ قَالَ إنْ جَامَعْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ هَذَا الشَّهْرِ الَّذِي أَنَا فِيهِ أَوْ شَهْرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَأَقَلُّ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُولٍ حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخِرِهِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَأَكْثَرُهُ فِي الْمَبْسُوطِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ بِالصَّلَاةِ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ مِائَةَ رَكْعَةٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَبْسُوطِ هُوَ مُولٍ زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ أَوْ آلَى بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ هَدْيٍ أَوْ عِتْقٍ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ آلَى بِصَدَقَةٍ أَوْ عِتْقِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، فَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُعَيَّنًا وَلَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ لَزِمَهُ الْإِيلَاءُ، فَإِنْ بَاعَهُ زَالَ عَنْهُ، وَوَجْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>