للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إيلَاءُ الْعَبْدِ (ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ إيلَاءِ الْعَبْدِ فَقَالَ هُوَ نَحْوُ إيلَاءِ الْحُرِّ، وَهُوَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ وَإِيلَاءُ الْعَبْدِ شَهْرَانِ)

ــ

[المنتقى]

لَزِمَتْهُ.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِي الْمَرِيضِ يُولِي مِنْ امْرَأَتِهِ أَنَّهُ يُوقَفُ عِنْدَ انْقِضَاءِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَإِنْ فَاءَ بِلِسَانِهِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُفِيقَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ، وَالِدِ الْمُرْضِعِ أَنَّ وَالِدَ الْمُرْضِعِ لِرَضَاعِ وَلَدِهِ غَايَةٌ مَعْلُومَةٌ قَدْ عَلَّقَ يَمِينَهُ بِهَا فَكَأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى مُدَّةِ الرَّضَاعِ، وَالْمَرِيضُ لَيْسَ لِمَرَضِهِ مُدَّةٌ مُؤَقَّتَةٌ، فَإِذَا عَلَّقَ يَمِينَهُ بِمُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَقَدْ قَصَدَ الْإِضْرَارَ.

[إيلَاءُ الْعَبْدِ]

(ش) : قَوْلُهُ إيلَاءُ الْعَبْدِ نَحْوُ إيلَاءِ الْحُرِّ، وَهُوَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ يُرِيدُ أَنَّهُ وَاجِبٌ نَحْوُ إيلَاءِ الْحُرِّ فِي لُزُومِهِ حُكْمَ الْأَيْمَانِ وَاعْتِبَارِهِ مُدَّةَ التَّرَبُّصِ، وَالتَّوْقِيفِ عِنْدَ انْقِضَائِهَا مَعَ بَقَاءِ الْيَمِينِ، فَإِنْ فَاءَ وَإِلَّا طَلَّقَ عَلَيْهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ إيلَاءَهُ تَعَلَّقَ بِالْمَنْعِ مِنْ الْوَطْءِ عَارِيًّا عَنْ الْعُذْرِ، وَالْمَنْفَعَةِ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مُدَّةِ التَّرَبُّصِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ: وَإِيلَاءُ الْعَبْدِ شَهْرَانِ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ سَوَاءٌ كَانَتْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ أَوْ أَمَةٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إيلَاءُ الْعَبْدِ مِنْ الْأَمَةِ شَهْرَانِ وَمِنْ الْحُرَّةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إيلَاؤُهُ مِنْهُمَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ مُدَّةَ الْإِيلَاءِ يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمُ الْبَيْنُونَةِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُسَاوِيَ فِيهِ الْحُرُّ الْعَبْدَ أَصْلُ ذَلِكَ الطَّلَاقُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ آلَى الْعَبْدُ ثُمَّ عَتَقَ مَكَانَهُ بَقِيَ عَلَى حُكْمِ إيلَاءِ الْعَبِيدِ، وَلَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ عَتَقَ بَعْدَ أَنْ لَزِمَهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ زَنَى فِي حَالِ الرِّقِّ ثُمَّ أُعْتِقَ لَمْ يَنْتَقِلْ حَدُّهُ عَنْ حَدِّ الْعَبْدِ إلَى حَدِّ الْحُرِّ.

[ظِهَارُ الْحُرِّ] ١

الظِّهَارُ هُوَ وَصْفُ الْمُظَاهِرِ مَنْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ بِأَنَّهَا عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ وَلَهُ فِي الشَّرْعِ أَلْفَاظٌ وَأَحْكَامٌ تَخْتَصُّ بِهِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَبْسُوطِ: الظِّهَارُ يَمِينٌ تُكَفَّرُ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مُطْلَقَ الظِّهَارِ لَيْسَ بِيَمِينٍ، وَإِنَّمَا يَكُونُ يَمِينًا إذَا قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّهِ، وَالظِّهَارُ مُحَرَّمٌ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا اللائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} [المجادلة: ٢] فَفِي الْآيَةِ دَلِيلَانِ أَحَدُهُمَا إنْكَارُ مَا قَالُوا وَتَكْذِيبُهُ، وَالثَّانِي أَنَّهُ وَصَفَهُ بِأَنَّهُ مُنْكَرٌ وَزُورٌ قَالَ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ: وَمِنْ ظَاهَرَ أُدِّبَ لِقَوْلِهِ الْمُنْكَرَ وَأَلْزَمَهُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) وَالظِّهَارُ تَحْرِيمُ الْوَطْءِ الْمُبَاحِ مِنْ الزَّوْجَةِ، وَالْأَمَةِ وَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الِاسْتِمْتَاعُ بِالْقُبْلَةِ، وَالنَّظَرِ، وَالْمُبَاشَرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُقَبِّلُ وَلَا يُبَاشِرُ وَلَا يَلْمِسُ وَلَا يَنْظُرُ إلَى صَدْرٍ وَلَا شَعْرٍ وَفِي الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ وَلَا إلَى شَيْءٍ مِنْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ قَالَ مَالِكٌ: لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَدْعُو إلَى خَيْرٍ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا فِي بَيْتٍ إذَا كَانَ مِمَّنْ يُؤْمَنُ وَفِي التَّفْرِيعِ لِابْنِ الْجَلَّابِ لَا يُقَبِّلُ وَلَا يُبَاشِرُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الرَّأْسِ، وَالْوَجْهِ، وَالْيَدَيْنِ وَسَائِرِ الْأَطْرَافِ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى التَّحْرِيمِ كَالْوَطْءِ وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ لِئَلَّا يَدْعُوَ إلَى الْجِمَاعِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْمَبْسُوطِ فِي الْمُتَظَاهِرِ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَيَنْظُرُ إلَى الصَّدْرِ، وَالشَّعْرِ، وَالْمَحَاسِنِ إنَّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْكَرَاهِيَةِ لِذَلِكَ كُلِّهِ كَالتَّغْيِيرِ فِي الْجِمَاعِ الَّذِي لَا يَحِلُّ لِمَنْ لَمْ يُكَفِّرْ نَحْوُ كَرَاهِيَتِهِمْ الْقُبْلَةَ لِلشَّابِّ الصَّائِمِ، وَالْمُلَامَسَةَ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ أَنَّ كُلَّ مَعْنًى طَرَأَ عَلَى النِّكَاحِ مَنَعَ الْوَطْءَ مِنْ أَجْلِ تَحْرِيمٍ حَادِثٍ، فَإِنَّهُ يَمْنَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>