للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَسْأَلُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَنْكِحُهَا عَلَيْك مَا عِشْت فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يُجْزِئُهُ عَنْ ذَلِكَ عِتْقُ رَقَبَةٍ) .

ظِهَارُ الْعَبْدِ (ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ ظِهَارِ الْعَبْدِ فَقَالَ نَحْوَ ظِهَارِ الْحُرِّ قَالَ مَالِكٌ: يُرِيدُ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ كَمَا يَقَعُ عَلَى الْحُرِّ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ: وَظِهَارُ الْعَبْدِ عَلَيْهِ وَاجِبٌ وَصِيَامُ الْعَبْدِ فِي الظِّهَارِ شَهْرَانِ)

ــ

[المنتقى]

عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُتَظَاهِرِ لَا يَجِدُ مَا يُعْتِقُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الصِّيَامِ وَلَا يَجِدُ مَا يُطْعِمُ فَلَا مَخْرَجَ لَهُ وَلْيَكُفَّ عَنْ أَهْلِهِ حَتَّى يَجِدَ مَا يُكَفِّرُ بِهِ يُرِيدُ وَلَا حُجَّةَ لَهَا فَفِي هَذَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَتَبَيَّنَ ضَرَرُهُ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ لَا يَتَبَيَّنَ ضَرَرُهُ وَلَا عُذْرُهُ فَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ أَجَلُ الْإِيلَاءِ بِطُولِ الْمُدَّةِ، وَالْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَتَبَيَّنَ عُذْرُهُ فَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ إيلَاءٌ جُمْلَةً.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي أَجَلِ الْإِيلَاءِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُبْتَدَأُ لَهُ أَجَلُ الْمُولِي عِنْدَمَا يَرَى النَّاسُ مِنْ إضْرَارِهِ ثُمَّ يَجْرِي بِحِسَابِ الْمُولِي تَأَوَّلَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ عَلَى أَنَّهُ يَضْرِبُ لَهُ الْأَجَلَ مِنْ يَوْمِ يَتَبَيَّنُ ضَرَرُهُ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ أَجَلُهُ مِنْ يَوْمِ التَّظَاهُرِ وَلِذَلِكَ اخْتَصَرَ بَعْضُ الْمُخْتَصِرِينَ مَسْأَلَةَ الْمُدَوَّنَةِ وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَدْ بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : قَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ قُلْت لِعِيسَى بْنِ دِينَارٍ أَرَأَيْت مَعْنَى هَذَا أَيْ أَوَّلُ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا، فَإِنَّهُ يُعْتِقُ عَنْهَا رَقَبَةً ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ نَعَمْ هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَبِهِ آخُذُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَظَاهَرَ مِنْ نِسْوَةٍ لَهُ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ يَجْتَزِئُ بِهَا عَنْهُنَّ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ نَافِعِ بْنِ نَافِعٍ لَسْت آخُذُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَى أَنَّهُ قَدْ تَظَاهَرَ مِنْ كُلِّ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا عَلَيْهَا فَكُلَّمَا نَكَحَ امْرَأَةً كَفَّرَ عَنْهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا كَفَّارَةً عَنْ كُلِّ امْرَأَةٍ، وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ فِيمَنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ عَنْ كُلِّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا أَبَدًا وَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِثْلُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ مِمَّنْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك مَا عِشْت فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي يُجْزِئُهُ فِي ذَلِكَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[ظِهَارُ الْعَبْدِ]

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّ ظِهَارَ الْعَبْدِ كَظِهَارِ الْحُرِّ فِي لُزُومِهِ وَتَعَلُّقِ أَحْكَامِهِ بِهِ عَلَى مَا فَسَّرَهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ كَمَا يَقَعُ عَلَى الْحُرِّ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣] الْآيَةَ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْأَحْرَارِ، وَالْعَبِيدِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْعَبْدَ لَمَّا لَمْ يُكَفِّرْ بِالْعِتْقِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الظِّهَارِ وَلَا مُخَاطَبًا بِالْآيَةِ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ فِي الْمُعْسِرِ الضَّعِيفِ عَنْ الصِّيَامِ وَلِأَنَّهُ قَدْ قَالَ تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ} [المجادلة: ٤] ، وَالْعَبْدُ لَيْسَ بِوَاجِدٍ لِلرَّقَبَةِ فَيَصُومُ شَهْرَيْنِ فَحُكْمُهُ ثَابِتٌ بِالْآيَةِ.

(ش) : قَوْلُهُ: إنَّ ظِهَارَ الْعَبْدِ عَلَيْهِ وَاجِبٌ يُرِيدُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَيَثْبُتُ فِي حَقِّهِ حُكْمُهُ، وَقَوْلُهُ: وَصِيَامُهُ فِي الظِّهَارِ شَهْرَانِ يُرِيدُ أَنَّ حُكْمَهُ فِي قَدْرِ الصِّيَامِ حُكْمُ الْحُرِّ؛ لِأَنَّ صِيَامَهُ عَلَى وَجْهِ الْكَفَّارَةِ، وَالْكَفَّارَاتُ يَسْتَوِي فِيهَا حُكْمُ الْأَحْرَارِ، وَالْعَبِيدِ كَسَائِرِ الْكَفَّارَاتِ، وَأَمَّا الْعِتْقُ فَلَا يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ لِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، وَالثَّانِي أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَثْبُتُ لَهُ فَأَمَّا الْحَجْرُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ كَالسَّفِيهِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَهَذَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ كَمَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ، وَأَمَّا الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ بِهِ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ إنْ كَانَ مَلِيًّا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا رَأْسٌ لَمْ أُحِبَّ لَهُ إلَّا الصِّيَامَ وَقَالَ أَصْبَغُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: لَا يُجْزِئُهُ إلَّا الْعِتْقُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ صَامَ

<<  <  ج: ص:  >  >>