للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا جَاءَ فِي اللِّعَانِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدِ السَّاعِدِيَّ أَخْبَرَهُ «أَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلَانِيَّ جَاءَ إلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيِّ فَقَالَ لَهُ: يَا عَاصِمُ أَرَأَيْت رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ سَلْ لِي يَا عَاصِمُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَ عَاصِمُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إلَى أَهْلِهِ جَاءَهُ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ: يَا عَاصِمُ مَاذَا قَالَ لَك رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ عَاصِمٌ لِعُوَيْمِرٍ: لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَسْأَلَةَ الَّتِي سَأَلْته عَنْهَا فَقَالَ عُوَيْمِرٌ: وَاَللَّهِ لَا أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا فَقَامَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَطَ النَّاسِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أُنْزِلَ فِيك وَفِي صَاحِبَتِك فَاذْهَبْ فَائْتِ بِهَا قَالَ سَهْلٌ فَتَلَاعَنَا، وَأَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ تَلَاعُنِهِمَا قَالَ عُوَيْمِرٌ: كَذَبْت عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ أَمْسَكْتهَا فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» قَالَ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَكَانَتْ تِلْكَ بَعْدُ سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ)

ــ

[المنتقى]

[مَا جَاءَ فِي اللِّعَانِ]

(ش) : قَوْلُهُ: إنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلَانِيَّ يُقَالُ: إنَّهُ عُوَيْمِرُ بْنُ أَبْيَضَ الْعَجْلَانِيُّ جَاءَ إلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ عَلَى حَسَبِ مَا يَلْجَأُ النَّاسُ فِي مُهِمِّ أُمُورِهِمْ وَمَا دَهَمَهُمْ إلَى أَهْلِ الْفَضْلِ، وَالْعِلْمِ، وَالتَّقَدُّمِ مِنْهُمْ وَعُوَيْمِرٌ هَذَا مِنْ أَقَارِبِ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ الْمَذْكُورِ فَلَجَأَ إلَيْهِ لِيَسْأَلَ لَهُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا نَزَلَ بِهِ لِكَوْنِ عَاصِمٍ مِمَّنْ يَقْرُبُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِتَقَدُّمِهِ وَفَضْلِهِ مَعَ عِلْمِهِ وَدِينِهِ فَكَانَ أَعْلَمَ بِمَا سُئِلَ فِيهِ وَأَوْعَى لِلْجَوَابِ عَنْهُ.

وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ذُكِرَ الْمُتَلَاعِنَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ فِي ذَلِكَ قَوْلًا ثُمَّ انْصَرَفَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ فَقَالَ لَهُ: إنَّهُ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَالَ عَاصِمٌ مَا اُبْتُلِيتُ بِهَذَا الْأَمْرِ إلَّا لِقَوْلِي.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ: أَرَأَيْت رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ، وَهَذَا مِنْ التَّحَرُّزِ فِي السُّؤَالِ لِئَلَّا يُصَرِّحَ بِقَذْفِ مَنْ نُسِبَ إلَيْهِ ذَلِكَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَعَلَّهُ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي امْرَأَتُهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ اللِّعَانِ لَمْ يَكُنْ نَزَلَ بَعْدُ وَلَعَلَّهُ أَيْضًا لَمْ يُرِدْ أَنْ يُعْلِنَ بِخَبَرِهِ وَأَرَادَ أَنْ يَكُونَ إعْلَانُهُ وَكِتْمَانُهُ عَلَى حَسَبِ مَا يَبْدُو إلَيْهِ مِنْ حُكْمِ الْقَضِيَّةِ وَلِذَلِكَ اسْتَنَابَ عَاصِمَ بْنَ عَدِيٍّ فِي السُّؤَالِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ الْقِصَاصُ، وَالثَّانِي هَلْ مِنْ وَجْهٍ يَصِلُ بِهِ إلَى إزَالَةِ مَا أَصَابَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِلَى شِفَاءِ غَيْظِهِ بِغَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ قَتْلِهِ الَّذِي إذَا فَعَلَ قُتِلَ بِهِ ثُمَّ قَالَ: سَلْ لِي يَا عَاصِمُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ: فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ كَرِهَ مِثْلَ هَذَا أَنْ يَقْذِفَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ وَيَرْمِيَهَا بِزِنًى مِنْ غَيْرِ أَنْ تُقَدَّمَ لَهُ بَيِّنَةٌ بِمَا يَدَّعِيهِ لِمَا اعْتَقَدَ أَنَّ الْحَدَّ يَجِبُ عَلَيْهِ كَمَا يَجِبُ فِي قَذْفِهِ الْأَجْنَبِيَّةَ وَلِذَلِكَ رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ قَالَ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ لَمَّا قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الْبَيِّنَةُ وَإِلَّا حَدٌّ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>