للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُمَسَّ فَحَسْبُهَا نِصْفُ مَا فُرِضَ لَهَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ قَالَ مَالِكٌ: وَبَلَغَنِي عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ مِثْلُ ذَلِكَ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لِلْمُتْعَةِ عِنْدَنَا حَدٌّ مَعْرُوفٌ فِي قَلِيلِهَا وَلَا كَثِيرِهَا) .

مَا جَاءَ فِي طَلَاقِ الْعَبْدِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ نُفَيْعًا مُكَاتَبًا كَانَ لِأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ عَبْدًا لَهَا كَانَتْ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ فَطَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَأَمَرَهُ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَأْتِيَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَيَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَلَقِيَهُ عِنْدَ الدَّرَجِ آخِذًا بِيَدِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَسَأَلَهُمَا فَابْتَدَرَاهُ جَمِيعًا فَقَالَا: حَرُمَتْ عَلَيْك حَرُمَتْ عَلَيْك مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ نُفَيْعًا مُكَاتَبًا كَانَ لِأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَلَّقَ امْرَأَةً حُرَّةً تَطْلِيقَتَيْنِ فَاسْتَفْتَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ: حَرُمَتْ عَلَيْك مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ أَنَّ نُفَيْعًا مُكَاتَبًا كَانَ لِأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَفْتَى زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَقَالَ: إنِّي طَلَّقْت امْرَأَةً حُرَّةً تَطْلِيقَتَيْنِ فَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: حَرُمَتْ عَلَيْك) .

ــ

[المنتقى]

(ش) : قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا مَنْ يُؤْمَرُ بِالْمُتْعَةِ، وَقَدْ قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: لَا مُتْعَةَ فِي نِكَاحٍ مَفْسُوخٍ وَلَا فِيمَا يَدْخُلُهُ الْفَسْخُ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ مِثْلُ مِلْكِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ، وَأَصْلُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٤١] فَكَانَ هَذَا الْحُكْمُ مُخْتَصًّا بِالطَّلَاقِ دُونَ الْفَسْخِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ أَمْرٌ غُلِبَا عَلَيْهِ وَلَيْسَ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ فَيُسَلِّيهَا بِالْمُتْعَةِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ جَهِلَ الْمُتْعَةَ حَتَّى مَضَتْ أَعْوَامٌ فَلْيُرْجِعْ ذَلِكَ إلَيْهَا إنْ تَزَوَّجَتْ، أَوْ إلَى وَرَثَتِهَا إنْ مَاتَتْ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ أَصْبَغُ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ مَاتَتْ؛ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لَهَا فَيَنْتَقِلُ عَنْهَا إلَى وَرَثَتِهَا كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، وَوَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا عِوَضَ لَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ تَسْلِيَةٌ مِنْ الطَّلَاقِ، وَقَدْ فَاتَ ذَلِكَ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا حَدَّ فِي جِنْسِهَا وَلَا قَدْرِهَا قَالَ مَالِكٌ: وَهِيَ عَلَى قَدْرِ الرَّجُلِ، وَالْمَرْأَةِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: ٢٣٦] وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: أَعْلَاهَا الْخَادِمُ وَدُونَ ذَلِكَ الْوَرِقُ وَدُونَ ذَلِكَ الْكِسْوَةُ.

[مَا جَاءَ فِي طَلَاقِ الْعَبْدِ]

(ش) : قَوْلُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ لِنُفَيْعٍ، وَقَدْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ: حَرُمَتْ عَلَيْك يَقْتَضِي أَنَّ مَعْنَى التَّحْرِيمِ اسْتِيفَاءُ عَدَدِ الطَّلَاقِ، وَالْمَنْعُ مِنْ الِارْتِجَاعِ إلَى الزَّوْجِيَّةِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ يَقْتَضِي إيقَاعَ الثَّلَاثِ وَتَضَمَّنَ الْحَدِيثُ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ إلَّا تَطْلِيقَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: إذَا طَلَّقَ الْعَبْدُ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً وَعِدَّةُ الْحُرَّةِ ثَلَاثُ حِيَضٍ وَعِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ) .

(ش) : قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ هَذَا يَقْتَضِي مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ مَعْنَى التَّحْرِيمِ اسْتِيفَاءُ الطَّلَاقِ، وَالْمَنْعُ مِنْ اسْتِئْنَافِ زَوْجِيَّةٍ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَهَؤُلَاءِ أَهْلُ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ الَّذِينَ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِهِمْ، وَطَرِيقُ هَذَا اللُّغَةُ فَيَجِبُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى مَا قَالَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنْ يَحْمِلَ قَوْلَ الرَّجُلِ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ عَلَى هَذَا وَمَذْهَبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الطَّلَاقِ بِحَالِ الزَّوْجِ فِي الْحُرِّيَّةِ، وَالرِّقِّ وَفِي الِاعْتِبَارِ فِي الْعِدَّةِ بِحَالِ الزَّوْجَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>