للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا جَاءَ فِي يَمِينِ الرَّجُلِ بِطَلَاقِ مَا لَمْ يَنْكِحْ (ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَالْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَابْنَ شِهَابٍ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ كَانُوا يَقُولُونَ: إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَهَا ثُمَّ أَثِمَ إنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ إذَا نَكَحَهَا) .

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ فِيمَنْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَنْكِحُهَا فَهِيَ طَالِقٌ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُسَمِّ قَبِيلَةً أَوْ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ: وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْت)

ــ

[المنتقى]

وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُمَا قَدْ اجْتَمَعَا عَلَى الطَّلْقَةِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِيمَا يَأْخُذُ الزَّوْجُ مِنْ مَالِ الزَّوْجَةِ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الزَّوْجَةَ إلَّا بِرِضَاهَا فَلَا حَجَّةَ لِلزَّوْجِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَيْسَ لِلْحَكَمَيْنِ أَنْ يُبْطِلَا مَا يَرْجِعُ إلَى الزَّوْجِ مِنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَمَا لَيْسَ لَهُمَا أَنْ يُفَرِّقَا بَيْنَهُمَا عَلَى شَيْءٍ يَأْخُذَانِهِ لِلزَّوْجَةِ مِنْ الزَّوْجِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الطَّلَاقَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِ فَلَيْسَ لِلْحَكَمَيْنِ أَنْ يُخْرِجَاهُ عَنْ يَدِهِ عَلَى شَيْءٍ يَأْخُذَانِهِ مِنْهُ فَيَكُونُ الْعِوَضَانِ مِنْ جِهَتِهِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يُوقِعَاهُ لِشَيْءٍ يَأْخُذَانِهِ لَهُ مِنْ مَالِ الزَّوْجَةِ لِيَكُونَ مَا يَأْخُذَانِهِ مِنْهَا يَصِيرُ إلَى الزَّوْجِ عِوَضًا عَمَّا أُخْرِجَ عَنْ مِلْكِهِ مِنْ الطَّلَاقِ.

[مَا جَاءَ فِي يَمِينِ الرَّجُلِ بِطَلَاقِ مَا لَمْ يَنْكِحْ]

(ش) : قَوْلُهُمْ فِيمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا يُرِيدُونَ أَنْ يَقُولَ: إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ يَقُولَ: إنْ تَزَوَّجْتُك فَدَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيُضِيفُ الطَّلَاقَ إلَى النِّكَاحِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُضِفْ الطَّلَاقَ إلَى النِّكَاحِ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا فَتَدْخُلُ الدَّارَ فَهَذِهِ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: هَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا إذَا أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى النِّكَاحِ فَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ فِي التَّعْيِينِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ أَفْتَى رَجُلًا حَلَفَ إنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ تَزَوَّجَهَا قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَنَزَلَتْ بِالْمَخْزُومِيِّ فَأَفْتَاهُ مَالِكٌ بِذَلِكَ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ بِالْمَشْهُورَةِ، وَالْمَشْهُورُ رِوَايَةُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يُفْسَخُ إنْ وَقَعَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا يَقُولُهُ أَنَّهُ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى النِّكَاحِ فَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُ كَمَا لَوْ تَقَدَّمَ عَقْدُ النِّكَاحِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُمْ: ثُمَّ أَثِمَ إنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ إذَا نَكَحَهَا مَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ إنْ كَانَ قَدْ نَكَحَهَا، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا: إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَدَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ الدَّارَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِدُخُولِهَا قَبْلَ النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا يَلْحَقُهُ الطَّلَاقُ بِدُخُولِهَا بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ.

(ش) : قَوْلُهُ فِيمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ مَنْ يَتَزَوَّجُ إنْ لَمْ يُسَمِّ قَبِيلَةً أَوْ يُعَيِّنْ امْرَأَةً أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ لِأَنَّ مَالِكًا يَقُولُ: إذَا سَدَّ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ الِاسْتِمْتَاعِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِذَا لَمْ يَسُدَّ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ الِاسْتِمْتَاعِ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً مِنْ بَنِي تَمِيمٍ أَوْ مِنْ قُرَيْشٍ أَوْ يُضِيفُ ذَلِكَ إلَى بَلَدٍ فَيَقُولُ: إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً مِنْ مِصْرَ أَوْ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً بِالشَّامِ أَوْ يُضِيفُ ذَلِكَ إلَى زَمَنٍ لَا يَسْتَوْعِبُ عُمْرَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: إنْ تَزَوَّجْت هَذَا الْعَامَ أَوْ هَذِهِ الْعَشَرَةَ الْأَعْوَامِ فَمِثْلُ هَذَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسُدَّ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ الِاسْتِمْتَاعِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَلْزَمُهُ ذَلِكَ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الْأَيْمَانِ، وَالنُّذُورِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَّا فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ، فَإِنْ كَانَتْ الَّتِي اسْتَثْنَى زَوْجَتَهُ الَّتِي عِنْدَهُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَكَأَنَّهُ قَالَ مَعَك بِخِلَافِ إذَا لَمْ تَكُنْ تَحْتَهُ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْوَجْهَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>