للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ الطَّلَاقُ وَكُلُّ امْرَأَةٍ أَنْكِحُهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَمَالُهُ صَدَقَةٌ إنْ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا فَحَنِثَ قَالَ: أَمَّا نِسَاؤُهُ فَطَلَاقٌ كَمَا قَالَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَنْكِحُهَا فَهِيَ طَالِقٌ، فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يُسَمِّ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا أَوْ قَبِيلَةً أَوْ أَرْضًا أَوْ نَحْوَ هَذَا فَلَيْسَ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَلْيَتَزَوَّجْ مَا شَاءَ، وَأَمَّا مَالُهُ فَيَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ) .

أَجَلُ الَّذِي لَا يَمَسُّ امْرَأَتَهُ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَمَسَّهَا، فَإِنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ سَنَةٍ، فَإِنْ مَسَّهَا وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا مَالِكٌ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ مَتَى يُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ أَمِنْ يَوْمِ يَبْنِي بِهَا أَمْ مِنْ يَوْمِ تُرَافِعُهُ إلَى السُّلْطَانِ فَقَالَ: بَلْ مِنْ يَوْمِ تُرَافِعُهُ إلَى السُّلْطَانِ)

ــ

[المنتقى]

الِاسْمَ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَهَا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا بِالْمَدِينَةِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ أَنْ يُوَاعِدَهَا بِالْمَدِينَةِ وَيَعْقِدَ نِكَاحَهَا بِغَيْرِهَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُرَاعَى انْعِقَادُ النِّكَاحِ، وَالنِّكَاحُ إنَّمَا انْعَقَدَ بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ.

١ -

(فَرْعٌ) وَمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا مِنْ أَهْلِ مِصْرَ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً أَبُوهَا مِصْرِيٌّ وَأُمُّهَا شَامِيَّةٌ قَالَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ: يَحْنَثُ، وَالْوَلَدُ تَابِعٌ لِلْأَبِ دُونَ الْأُمِّ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا حَيَاتِي طَالِقٌ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَلَوْ ضَرَبَ لِذَلِكَ أَجَلًا فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِيمَنْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَى عَشْرِ سِنِينَ أَوْ عِشْرِينَ سَنَةً طَالِقٌ إنْ كَانَ مِمَّا يُشْبِهُ أَنْ يَعِيشَ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ لَزِمَهُ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ، وَالتَّعْمِيرُ فِي ذَلِكَ تِسْعُونَ عَامًا وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْعِشْرُونَ سَنَةً كَثِيرٌ يَتَزَوَّجُ وَقَالَ أَصْبَغُ بَعْدَ تَصَبُّرٍ وَتَعَفُّفٍ وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ وَهْبٍ لَا يَتَزَوَّجُ، وَإِنْ خَافَ الْعَنَتَ فِي الثَّلَاثِينَ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَتَزَوَّجُ فِي الثَّلَاثِينَ إلَّا إنْ خَافَ الْعَنَتَ وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ قَدَرَ أَنْ يَتَسَرَّى فَلَا يَنْكِحُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلَا يَنْكِحُ إلَّا أَنْ يَخَافَ الْعَنَتَ، فَإِنْ خَافَ الْعَنَتَ تَزَوَّجَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ إنَّمَا يُرَاعَى عُمْرُهُ فِي الْأَغْلَبِ وَمَا لَوْ زَادَ عَلَيْهِ لَمْ يَمِلْ إلَى النِّسَاءِ غَالِبًا، وَذَلِكَ تِسْعُونَ عَامًا فَلِذَا عَلَّقَ يَمِينَهُ بِمُدَّةٍ تَبْلُغُ عُمْرُهُ التِّسْعِينَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ عَلَّقَ يَمِينَهُ بِجَمِيعِ عُمْرِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَإِنْ قَصَرَ عَنْ ذَلِكَ وَأَبْقَى يَمِينَهُ مُدَّةً مِنْ هَذَا الْعُمْرِ لَزِمَتْهُ الْيَمِينُ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مُدَّةَ الْعِشْرِينَ سَنَةً كَثِيرٌ تَلْحَقُ فِيهَا الْمَشَقَّةُ وَلَا تَخْلُو غَالِبًا مِنْ الْعَنَتِ وَحَالُ نِكَاحِهِ أَوْلَى مِنْ الزِّنَا.

وَقَدْ أَجَازَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرُهُ وَإِلَى نَحْوِ هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَّا أَنَّهُ رَاعَى الثَّلَاثِينَ سَنَةً، وَإِنْ كَانَتْ مُدَّةً طَوِيلَةً إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْ الْإِبَاحَةَ بِخَشْيَةِ الْعَنَتِ دُونَ طُولِ الْمُدَّةِ، وَأَمَّا ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَّقَ الْحُكْمَ عَلَى لَفْظِ الْيَمِينِ دُونَ مَا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ اسْتِيفَاءِ عُمْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : قَوْلُهُ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ إذَا وَقَعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَقَوْلُهُ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَنْكِحُهَا طَالِقٌ لَا يَلْزَمُ بِهِ شَيْءٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ، وَلَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَةِ إنْ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ حَلَفَ إنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً تَمِيمِيَّةً فَهِيَ طَالِقٌ وَتِلْكَ الْمَرْأَةُ مِنْ تَمِيمٍ فَتَزَوَّجَهَا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: يَقَعُ عَلَيْهَا طَلْقَتَانِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْيَمِينَيْنِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غَيْرُ الْأُخْرَى وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَضَمَّنَتْ طَلْقَةً فَلَمَّا حَلَفَ بِهَا لَزِمَهُ طَلْقَتَانِ وَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَا يَلْزَمُهُ فِيهَا غَيْرُ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهَا يَمِينٌ مُتَكَرِّرَةٌ فِي غَيْرِ وَاحِدَةٍ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ ثَانِيَةً فَتَزَوَّجَهَا، فَإِنَّمَا هِيَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ.

[أَجَلُ الَّذِي لَا يَمَسُّ امْرَأَتَهُ]

(ش) : قَوْلُهُ: مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَمَسَّهَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُعْتَرَضٌ عَنْهَا ظَنَّ أَنَّهُ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ فَاعْتُرِضَ عَنْهَا؛ لِأَنَّ الْمَجْبُوبَ الْمَمْسُوحَ لَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى أَنَّهُ ظَهَرَ إلَى الزَّوْجَةِ ذَلِكَ مِنْهُ الْمُؤَثِّرُ فِي مَنْعِ الْوَطْءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>