للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا (ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ: «سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَامِلِ يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: آخِرُ الْأَجَلَيْنِ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إذَا وَلَدَتْ فَقَدْ حَلَّتْ فَدَخَلَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَلَدَتْ سُبَيْعَةُ الْأَسْلَمِيَّةُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِنِصْفِ شَهْرٍ فَخَطَبَهَا رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا شَابٌّ، وَالْآخَرُ كَهْلٌ فَحَظَتْ إلَى الشَّابِّ فَقَالَ الشَّيْخُ لَمْ تَحِلِّي بَعْدُ وَكَانَ أَهْلُهَا غُيَّبًا وَرَجَا إذَا جَاءَ أَهْلُهَا أَنْ يُؤْثِرُوهُ بِهَا فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ قَدْ حَلَلْتِ فَانْكِحِي مَنْ شِئْت» مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إذَا وَضَعَتْ حَمْلَهَا فَقَدْ حَلَّتْ فَأَخْبَرَهُ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: لَوْ وَضَعَتْ وَزَوْجُهَا عَلَى سَرِيرِهِ وَلَمْ يُدْفَنْ بَعْدُ لَحَلَّتْ) .

ــ

[المنتقى]

الصَّدَاقِ يُؤَجَّلُ فِي الصَّدَاقِ ثَلَاثَ سِنِينَ وَقَالَ أَيْضًا سَنَتَيْنِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ النَّفَقَةِ، وَالصَّدَاقِ لَمْ يُوَسَّعْ لَهُ فِي أَجَلِ الصَّدَاقِ، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا تَزَوَّجَتْهُ عَلَى الْغِنَى أَوْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ عَرَفَتْ بِأَنَّهُ سَائِلٌ يَتَكَفَّفُ النَّاسَ فَلَا حُجَّةَ لَهَا رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ أَوْ عَلِمَتْ أَنَّهُ فَقِيرٌ لَا يُجْرِي النَّفَقَةَ عَلَى النِّسَاءِ لِفَقْرِهِ فَلَا قَوْلَ لَهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا رَاضِيَةٌ بِعَيْبِهِ فَقَدْ أَقْدَمَتْ عَلَى مَعْرِفَتهَا بِحَالِهِ كَمُشْتَرِي السِّلْعَةِ بِهَا عَيْبٌ يَعْلَمُهُ فَلَا رَدَّ لَهُ بِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْفُرْقَةِ فَهِيَ فُرْقَةٌ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَمْ يَسْتَكْمِلْ بِهَا عِدَّةَ الطَّلَاقِ وَلَا كَانَتْ لِعِوَضٍ وَلَا لِضَرَرٍ بِالزَّوْجِ فَكَانَتْ رَجْعِيَّةً أَصْلُ ذَلِكَ طَلَاقُ الْمَوْلَى وَصِحَّةُ رَجْعَتِهِ مُعْتَبَرَةٌ بِيَسَارِهِ، فَإِنْ ارْتَجَعَ كَانَتْ رَجْعِيَّةً مَوْقُوفَةً، فَإِنْ أَيْسَرَ فِي الْعِدَّةِ صَحَّتْ رَجْعَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَيْسُرْ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ بَطَلَتْ الرَّجْعَةُ وَبَانَتْ مِنْهُ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا]

(ش) : قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي الْحَامِلِ بِرَأْيِهِمَا دُونَ نَصٍّ وَلَمْ تُنْكِرْ عَلَيْهِمَا أُمُّ سَلَمَةَ وَلَا أَبُو سَلَمَةَ وَلَا أَحَدَ دَلِيلٌ عَلَى الْإِجْمَاعِ بِالْقَوْلِ بِالرَّأْيِ، وَالْقِيَاسِ فِيمَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ فِيهِ نَصٌّ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ النَّصُّ الَّذِي أَظْهَرَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ لَاحْتَجَّ بِهِ كَمَا احْتَجَّتْ بِهِ أُمُّ سَلَمَةَ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا كَانُوا يَبْدَءُونَ فِي احْتِجَاجِهِمْ بِالنَّصِّ، وَلَوْ احْتَجَّ بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ لَرَجَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ عَنْ مُخَالِفَتِهِ وَتَرَكَ مُعَارَضَتَهُ كَمَا أَمْسَكَ عَنْ الْمُرَاجَعَةِ لَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِ النَّصُّ وَلِذَلِكَ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ رَجَعَ إلَى الْقَوْلِ بِحَدِيثِ سُبَيْعَةَ وَهِيَ سُبَيْعَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيَّةُ أَنَّ الْحَامِلَ تَحِلُّ بِالْوَضْعِ وَبِهِ قَالَ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ رَجَعَ عَنْهُ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَوَاهُ الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ بَلَغَ ابْنَ مَسْعُودٍ أَنَّ عَلِيًّا يَقُولُ هِيَ لِآخِرِ الْأَجَلَيْنِ يَعْنِي الْحَامِلَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ مَنْ شَاءَ لَاعَنْته أَنَّ هَذِهِ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ الْقُصْرَى {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] نَزَلَتْ بَعْدَ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤] وَلَيْسَ بَيْنَ الْحَدِيثِ، وَالْآيَةِ تَنَافٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ مَنْ لَيْسَ بِحَامِلٍ بِدَلِيلِ أَنَّ الْحَمْلَ اسْتَمَرَّ بِهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ لَمْ تَنْقُصْ الْعِدَّةُ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ فَتَضَمَّنَتْ الْآيَةُ حُكْمَ الْحَامِلِ، وَالْحَدِيثُ تَضَمَّنَ حُكْمَ الْحَامِلِ، وَهُوَ مِنْ آخَرِ مَا حَكَمَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةَ كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ فَتُوُفِّيَ عَنْهَا بِمَكَّةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.

وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَذَهَبَ إلَى مَعْنَى النَّسْخِ وَلِذَلِكَ قَالَ أُنْزِلَتْ الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>