للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِدَّةُ الْأَمَةِ إذَا تُوُفِّيَ زَوْجُهَا أَوْ سَيِّدُهَا (ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ كَانَا يَقُولَانِ عِدَّةُ الْأَمَةِ إذَا هَلَكَ عَنْهَا زَوْجُهَا شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ مِثْلُ ذَلِكَ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ يُطَلِّقُ الْأَمَةَ طَلَاقًا لَمْ يَبُتَّهَا فِيهِ لَهُ عَلَيْهَا فِيهِ الرَّجْعَةُ، ثُمَّ يَمُوتُ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا مِنْ طَلَاقِهِ أَنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْأَمَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا شَهْرَيْنِ وَخَمْسَ لَيَالٍ وَأَنَّهَا إنْ عَتَقَتْ وَلَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ، ثُمَّ لَمْ تَخْتَرْ فِرَاقَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ حَتَّى يَمُوتَ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا مِنْ طَلَاقِهِ اعْتَدَّتْ عِدَّةَ الْحُرَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَذَلِكَ أَنَّهَا إنَّمَا وَقَعَتْ عَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ بَعْدَ مَا عَتَقَتْ فَعِدَّتُهَا عِدَّةُ الْحُرَّةِ قَالَ مَالِكٌ، وَهَذَا الْأَمْرُ عِنْدَنَا) .

مَا جَاءَ فِي الْعَزْلِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ أَنَّهُ قَالَ دَخَلْت الْمَسْجِدَ فَرَأَيْت أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَجَلَسْت إلَيْهِ فَسَأَلْته عَنْ الْعَزْلِ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ

ــ

[المنتقى]

وَذَلِكَ حَيْضَةٌ، وَقَدْ يَكُونُ اسْتِبْرَاءً مَحْضًا، وَقَدْ يَكُون عِدَّةً كَالثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ وَيَكُونُ اسْتِبْرَاءً وَيَكُونُ عِدَّةً فِي الْمُطَلَّقَةِ وَالْأَمَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا إنَّهَا عِدَّةٌ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَا أُحِبُّ أَنْ تُوَاعِدَ أَحَدًا يَنْكِحُهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَبَلَغَنِي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَا تَبِيتُ إلَّا فِي بَيْتِهَا فَأَثْبَتَ لِمُدَّةِ اسْتِبْرَائِهَا حُكْمَ الْعِدَّةِ، وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهَا الْمَبِيتُ فِي غَيْرِ بَيْتِهَا فِي الْعِتْقِ وَالْوَفَاةِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ اسْتِبْرَاءٌ يَلْزَمُ مَعَ عَدَمِ الْوَطْءِ الَّذِي يُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءَ فَكَانَ عِدَّةً تَثْبُتُ فِيهِ أَحْكَامُ الْعِدَّةِ كَعِدَّةِ الْحُرَّةِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ اسْتِبْرَاءٌ سَبَبُهُ مِلْكُ الْيَمِينِ فَكَانَ اسْتِبْرَاءً كَاسْتِبْرَائِهَا لِلْبَيْعِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ غَابَ سَيِّدُ أُمِّ الْوَلَدِ عَنْهَا غِيبَةً طَوِيلَةً فَتُوُفِّيَ بَعْدَمَا حَاضَتْ فِي غِيبَتِهِ لَمْ يُجْزِهَا ذَلِكَ حَتَّى تَعْتَدَّ بَعْدَ وَفَاتِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْ زَوْجِهَا فَلَمْ يَطَأْهَا سَيِّدُهَا حَتَّى تُوُفِّيَ فَإِنَّ عَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[عِدَّةُ الْأَمَةِ إذَا تُوُفِّيَ زَوْجُهَا أَوْ سَيِّدُهَا]

(ش) : قَوْلُهُمْ عِدَّةُ الْأَمَةِ يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهَا نِصْفُ عِدَّةِ الْحُرَّةِ وَعِدَّةُ الْحُرَّةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَلَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا إلَّا مَا يُرْوَى عَنْ ابْنِ سِيرِينَ وَلَيْسَ بِالثَّابِتِ أَنَّهُ قَالَ عِدَّتُهَا عِدَّةُ الْحُرَّةِ وَعَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ الْإِجْمَاعُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى حَسَبِ مَا قَالَ فِي الْأَمَةِ الَّتِي يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً، ثُمَّ يَمُوتُ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا تِلْكَ أَنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْأَمَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا شَهْرَيْنِ وَخَمْسَ لَيَالٍ، وَذَلِكَ أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ رَجْعِيَّةً وَكَانَتْ مِنْ الْأَزْوَاجِ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَلَزِمَهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ بِمَوْتِهِ وَهِيَ أَمَةٌ فَكَانَ عَلَيْهَا شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ، وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لَمْ تَنْتَقِلْ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الزَّوْجَاتِ كَمَا لَوْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَوْ أُعْتِقَتْ فِي الْعِدَّةِ وَلَمْ تَخْتَرْ فِرَاقَهُ يُرِيدُ أَنَّهَا لَوْ اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ لَبَانَتْ بِذَلِكَ عَنْهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا حُكْمُ الزَّوْجَاتِ وَلَا انْتَقَلَتْ إلَى عِدَّةِ وَفَاةٍ فَإِذَا لَمْ تَخْتَرْ فِرَاقَهُ بَقِيَتْ عَلَى حُكْمِ الرَّجْعَةِ فَكَانَتْ مِنْ الْأَزْوَاجِ يَلْزَمُهَا بِمَوْتِهِ الِانْتِقَالُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَإِذَا تُوُفِّيَ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ لَزِمَتْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَهِيَ حُرَّةٌ فَكَانَ عَلَيْهَا عِدَّةُ الْحَرَائِرِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَلَوْ تُوُفِّيَ عَنْهَا وَهِيَ أَمَةٌ، ثُمَّ أُعْتِقَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهَا إلَّا عِدَّةُ الْإِمَاءِ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ وَجَبَتْ عَلَيْهَا وَهِيَ أَمَةٌ فَلَا يَنْقُلُهَا عَنْ حُكْمِ الْإِمَاءِ مَا طَرَأَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>