للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ص) : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (كِتَابُ الْبُيُوعِ) (مَا جَاءَ فِي بَيْعِ الْعُرْبَانِ) (مَالِكٌ عَنْ الثِّقَةِ عِنْدَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ» قَالَ مَالِكٌ، وَذَلِكَ فِيمَا نَرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ أَوْ الْوَلِيدَةَ أَوْ يَتَكَارَى الدَّابَّةَ، ثُمَّ يَقُولَ لِلَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ أَوْ تَكَارَى مِنْهُ أُعْطِيك دِينَارًا أَوْ دِرْهَمًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَقَلَّ عَلَى أَنِّي إنْ أَخَذْت السِّلْعَةَ أَوْ رَكِبْت مَا تَكَارَيْتُ مِنْك فَاَلَّذِي أُعْطِيك هُوَ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ أَوْ مِنْ كِرَاءِ الدَّابَّةِ وَإِنْ تَرَكْت ابْتِيَاعَ السِّلْعَةِ أَوْ كِرَاءَ الدَّابَّةِ فَمَا أَعْطَيْتُك لَك بَاطِلٌ بِغَيْرِ شَيْءٍ) .

ــ

[المنتقى]

بِأَقْوَالِهِمْ وَيُعْتَمَدُ عَلَى مَذَاهِبِهِمْ فِيهَا عَلَى مَا يَتَأَوَّلُونَهُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ يُسْرِعْ النَّاسُ إلَى تَأْوِيلِهَا عَلَى غَيْرِ وَجْههَا فَلَيْسَ كُلُّ مَنْ يَتَعَاطَى ذَلِكَ يَفْهَمُ وَجْهَ التَّأْوِيلِ وَإِنْ كُرِّرَ عَلَيْهِ بَلْ قَدْ يَتَعَقَّبُ بِالتَّأْوِيلِ وَالنَّظَرِ وَلَا سِيَّمَا فِي وَقْتِنَا مَنْ يَضْعُفُ فَهْمُهُ عَنْ تَحَقُّقِ الظَّوَاهِرِ فَاسْتَغْنَى عَنْ فَهْمِهِمْ بِقَوْلِهِ لَيْسَ عَلَى هَذَا الْعَمَلُ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا قَدَّمْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[كِتَابُ الْبُيُوعِ]

[مَا جَاءَ فِي بَيْعِ الْعُرْبَانِ]

(ش) : قَوْلُهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ الْبَيْعُ مَعْرُوفٌ وَهُوَ يَفْتَقِرُ إلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ وَيَلْزَمُ بِوُجُودِهِمَا بِلَفْظِ الْمَاضِي فَإِذَا قَالَ الْمُبْتَاعُ بِعْنِي فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك فَقَدْ حَكَى أَصْحَابُنَا الْعِرَاقِيُّونَ أَنَّ الْبَيْعَ يَصِحُّ وَيَنْعَقِدُ بِهِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَنْعَقِدُ حَتَّى يَقُولَ الْمُبْتَاعُ بَعْدَ ذَلِكَ اشْتَرَيْتُ أَوْ قَبِلْتُ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا نَقُولُهُ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ إيجَابًا وَقَبُولًا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ كَانَ إيجَابًا وَقَبُولًا فِي الْبَيْعِ كَمَا لَوْ قَالَ قَبِلْت بَعْدَ الْإِيجَابِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لَفْظٌ مُعَيَّنٌ وَكُلُّ لَفْظٍ أَوْ إشَارَةٍ فُهِمَ مِنْهُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ لَزِمَ بِهِ الْبَيْعُ وَسَائِرُ الْعُقُودِ إلَّا أَنَّ فِي الْأَلْفَاظِ مَا هُوَ صَرِيحٌ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ بِدِينَارٍ فَيَقُولَ الْمُبْتَاعُ قَدْ قَبِلْت أَوْ يَقُولَ الْمُبْتَاعُ قَدْ ابْتَعْت مِنْك هَذَا الثَّوْبَ بِدِينَارٍ فَيَقُولَ الْبَائِعُ قَدْ بِعْته مِنْك فَهَذَا يَلْزَمُ بِهِ الْعَقْدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ، وَأَمَّا الْأَلْفَاظُ الْمُحْتَمَلَةُ فَلَا يَلْزَمُ الْبَيْعُ بِهَا بِمُجَرَّدِهَا حَتَّى يَقْتَرِنَ بِهَا عُرْفٌ أَوْ عَادَةٌ أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَيْعِ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الْمُبْتَاعُ بِكَمْ سِلْعَتُك فَيَقُولَ الْبَائِعُ بِدِينَارٍ فَيَقُولُ الْمُبْتَاعُ قَدْ قَبِلْت فَيَقُولُ الْبَائِعُ لَا أَبِيعُك، فَإِنْ كَانَ فِي سُوقِ تِلْكَ السِّلْعَةِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ مَا سَاوَمَهُ عَلَى إرَادَةِ الْبَيْعِ وَمَا سَاوَمَ إلَّا لِأَمْرٍ يَذْكُرُهُ عِنْدَ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ وَجْهُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ أَنَّ إيقَافَهُ فِي السُّوقِ دَلِيلٌ عَلَى إرَادَةِ الْبَيْعِ، وَقَدْ وُجِدَ مِنْهُ لَفْظٌ يَصِحُّ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي الْبَيْعِ فَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُ، وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ لَهُ غَرَضٌ مِنْ تَعَرُّفِ ثَمَنِ سِلْعَةٍ وَنِهَايَةِ مَا يُعْطَى بِهَا وَاللَّفْظُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي إنْفَاذِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ عُلِّقَ بِالْمُسْتَقْبِلِ دُونَ الْمَاضِي فَإِذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْبَيْعَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ مَا يُمْكِنُ إرَادَتُهُ وَيَصِحُّ الْغَرَضُ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُ وَإِنْ يَحْلِفْ لَزِمَهُ الْبَيْعُ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَاعِبًا، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ قَصَدَ اللَّعِبَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْبَيْعُ رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ بَيْعُ الْعُرْبَانِ فَسَّرَهُ مَالِكٌ بِمَا تَقَدَّمَ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْعُرْبَانُ أَوَّلُ الشَّيْءِ وَعُنْفُوَانُهُ وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَنْعَقِدَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ، وَلِذَلِكَ أَضَافَهُ إلَيْهِ عَلَى وَجْهٍ إنْ كَرِهَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ كَانَ مَا دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ دُونَ عِوَضٍ فَهَذَا الَّذِي نَهَى عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَبْيَنِ الْمُخَاطَرَةِ، وَأَمَّا الْعُرْبَانُ الَّذِي لَمْ يَنْهَ عَنْهُ فَهُوَ أَنْ يَبْتَاعَ مِنْهُ ثَوْبًا أَوْ غَيْرَهُ بِالْخِيَارِ فَيَدْفَعَ إلَيْهِ بَعْضَ الثَّمَنِ مَخْتُومًا عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>