للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

غَرَضٌ يُعْرَفُ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ عَبْدٌ نَصْرَانِيٌّ فَيَشْتَرِي أَمَةً عَلَى أَنَّهَا نَصْرَانِيَّةٌ أَوْ تَكُونَ عَلَيْهِ يَمِينٌ أَنْ لَا يَمْلِكَ مُسْلِمَةً، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَهُ الرَّدُّ بِكُلِّ وَجْهٍ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا رَدَّ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَدَلِيلُنَا عَلَى الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ صَارَ إلَيْهِ الْمَبِيعُ عَلَى شَرْطٍ وَزِيَادَةٍ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ أَصْلُ ذَلِكَ إذَا شَرَطَ أَنَّهُ أَعْوَرُ فَإِذَا هُوَ يُبْصِرُ بِعَيْنِهِ وَدَلِيلُنَا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ هَذَا خَرَجَ لَهُ الْمَبِيعُ عَلَى غَيْرِ الْمِلَّةِ الَّتِي شَرَطَ وَلَهُ فِي ذَلِكَ غَرَضٌ صَحِيح فَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ فَخَرَجَ كَافِرًا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ أَعْجَمِيٌّ فَأَلْفَاهُ فَصِيحًا أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَجْلُوبٌ فَأَلْفَاهُ مُوَلَّدًا فَفِي الْوَاضِحَةِ عَنْ أَصْبَغَ لَهُ الرَّدُّ بِهِ زِيَادَةً كَانَ أَوْ وَضَيْعَةً؛ لِأَنَّ النَّاسَ فِي الْمَجْلُوبِ أَرْغَبُ، وَمِنْ هَذَا الْبَابِ مَا رَوَى عَلِيُّ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الرَّقِيقِ يُجْلَبُ مِنْ طَرَابُلُسَ فَيَدْخُلُ الْمِصْرِيُّ رَأْسًا بَيْنَهُمَا فَيُبَاعُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ أَرَى لِلْمُبْتَاعِ رَدَّهُ وَكَذَلِكَ الدَّوَابُّ وَالْحَمِيرُ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ خَلَطَ سِلْعَتَهُ بِتَرِكَةِ مَيِّتٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ لِلْمُبْتَاعِ الرَّدَّ.

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا مَا يَصِفُ بِهِ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ أَوْ يَصِفُ الرَّقِيقُ بِهِ نَفْسَهُ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ هِيَ بِكْرٌ أَوْ هِيَ طَبَّاخَةٌ، ثُمَّ لَمْ تُوجَدْ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهَا تُرَدُّ بِهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُبْتَاعَ دَخَلَ عَلَى مَا وُصِفَتْ بِهِ فَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ.

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا مَا كَانَ لَهُ عُرْفٌ وَعَادَةٌ فَوَجَدَهُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ نَاقَةً يَحْمِلُ عَلَى مِثْلِهَا فَلَمَّا جَاءَ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا لَمْ تَنْهَضْ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ لَهُ الرَّدُّ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَدْخُلْ فِي هَذَا إلَّا عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ مِنْ مِثْلِهَا فَإِذَا كَانَ مِثْلُهَا يَحْمِلُ وَلَمْ يَكُنْ عُذْرٌ مَانِعٌ مِنْ عَجَفٍ أَوْ مَرَضٍ فَقَدْ خَالَفَتْ الْمَعْهُودَ مِنْ مِثْلِهَا وَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَنْقُصَ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَائِهَا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ اشْتَرَى قَلَانِسَ فَوَجَدَ حَشْوَهَا صُوفًا أَوْ كَانَتْ مِنْ خِرَقٍ بَالِيَةٍ قَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ لَا تُرَدُّ؛ لِأَنَّهَا فِي الْأَغْلَبِ لَا تُصْنَعُ إلَّا مِنْ ذَلِكَ زَادَ ابْنُ الْمَوَّازِ، فَإِنْ كَانَ حَشْوُهَا صُوفًا بِالرَّفِيعَةِ تُرَدُّ وَلَا تُرَدُّ الدَّنِيَّةُ، وَأَصْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ أَنَّ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِأَمْرٍ فَوَجَدَ أَقَلَّ مِنْهُ كَانَ لَهُ الرَّدُّ بِهِ وَمَا وَجَدَ عَلَى ذَلِكَ فَعَلَيْهِ دَخَلَ فَلَا رَدَّ بِهِ قَالَ أَصْبَغُ فِيمَنْ اشْتَرَى قَمِيصًا فَوَجَدَ سَابِقَهُ أَدْنَى رُقْعَةٍ مِنْ بَدَنِهِ أَوْ كُمَّيْهِ وَكَذَلِكَ مَعْقِدُ السَّرَاوِيلِ إنْ كَانَ مُتَقَارِبًا فَلَهُ الرَّدُّ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ لَمْ يُرَدَّ.

[الْبَاب الثَّالِث مَا يَحْدُثُ بِالْمَبِيعِ مِمَّا يَثْبُت بِهِ الْخِيَار لِلْمُبْتَاعِ فِي الرد بالعيب] ١

(بَابٌ) وَأَمَّا مَا يَحْدُثُ بِالْمَبِيعِ مِمَّا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ لِلْمُبْتَاعِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَوْ الرُّجُوعِ بِقِيمَتِهِ فَسَيَأْتِي ذِكْرَهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[الْبَاب الرَّابِع مَا يُفِيتُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ]

(بَابٌ) وَأَمَّا مَا يُفِيتُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَفُوتَ الْمَبِيعُ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا فِي مِلْكِهِ، وَلَكِنْ تَغَيَّرَ تَغَيُّرًا أَحَالَهُ مِنْ جِنْسِهِ وَالثَّالِثُ أَنْ يَعْقِدَ فِيهِ عَقْدًا يَمْنَعُ مِنْ رَدِّهِ، فَأَمَّا الضَّرْبُ الْأَوَّلُ فَعَلَى قِسْمَيْنِ:

أَحَدُهُمَا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ مِلْكِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ مِثْلَ أَنْ يَمُوتَ أَوْ يُعْتِقَهُ أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهِ فَمَعَ هَذَا كُلِّهِ قَدْ فَاتَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ لِفَوَاتِ الْعَيْنِ وَخُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ أَخَذَ مِنْ مَالِ الْمُبْتَاعِ مَا يُقَابِلُ الْعَيْبَ مِنْ الثَّمَنِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ فَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ قَبْلَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِعِوَضٍ كَالْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ لِلثَّوَابِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ بَائِعِهِ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ بَاعَهُ مِنْ بَائِعِهِ مِنْهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ فَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُمَا فِي تَدْلِيسٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ إلَّا بِالْأَقَلِّ مِنْ الْبَقِيَّةِ أَوْ قِيمَةِ الْعَيْبِ وَجْهُ ذَلِكَ مَا احْتَجَّ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ لَرَدَّ عَلَيْهِ وَرَجَعَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَقَدْ رَدَّهُ إلَيْهِ فَكَانَ لَهُ اسْتِيفَاءُ جَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ بَاعَهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ مُدَلِّسًا فَلَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُدَلِّسًا رَدَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>