للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي مَحَلِّ الْمُوَاضَعَةِ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ]

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي مَحَلِّ الْمُوَاضَعَةِ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ) إنَّ الْمُوَاضَعَةَ ثَابِتَةٌ فِي الرَّائِعَةِ مِنْ الْإِمَاءِ الَّتِي مِثْلُهَا يُوطَأُ وَلَيْسَتْ بِظَاهِرَةِ الْحَمْلِ وَلَا مُعَرَّضَةٍ لِحَمْلٍ يَتْبَعُهَا فِي الْبَيْعِ كَذَاتِ الزَّوْجِ وَالْمُجَاهِرَةِ بِالزِّنَا وَأَخْصَرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهَا ثَابِتَةٌ فِي الْجَارِيَةِ الَّتِي يُنْقِصُ الْحَمْلُ مِنْ ثَمَنِهَا الْكَثِيرَ فَإِنَّ الصَّغِيرَةَ لَا يَصِحُّ فِيهَا الْحَمْلُ وَذَاتُ الزَّوْجِ وَالْمَشْهُورَةُ بِالزِّنَا لَا يُنْقِصُ الْحَمْلُ مِنْ ثَمَنِهَا الْكَثِيرَ، وَأَمَّا وَخْشُ الرَّقِيقِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ الزِّنْجِ وَمَا أَشْبَهَهُنَّ فَلَا يَلْزَمُ فِيهِنَّ ذَلِكَ وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِأَنَّ الرَّائِعَةَ يُنْقِصُ الْحَمْلُ مُعْظَمَ ثَمَنِهَا وَالْوَخْشُ لَا يُنْقِصُ ثَمَنَهَا، فَإِنْ نَقَصَ فَيَنْقُصُ مِنْهُ الْيَسِيرُ وَالْغَرَرُ الْكَثِيرُ يُفْسِدُ الْعُقُودَ دُونَ يَسِيرِهِ.

(فَرْعٌ) قَالَ مَالِكٌ وَمَا كَانَتْ بِثَمَنِ خَمْسِينَ أَوْ سِتِّينَ فَهِيَ مِنْ الْمُرْتَفِعَاتِ، وَهَذَا إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إلَى مَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يُتَّخَذَ مِثْلُهَا لِلْوَطْءِ فَهِيَ الرَّائِعَةُ الَّتِي يَثْبُتُ فِيهَا حُكْمُ الْمُوَاضَعَةِ وَإِذَا كَانَتْ مِمَّنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِاِتِّخَاذِهَا لِذَلِكَ، وَإِنَّمَا تُتَّخَذُ لِلِاسْتِخْدَامِ فَهِيَ مِنْ الْوَخْشِ وَلَا يَثْبُتُ فِيهَا حُكْمُ الْمُوَاضَعَةِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا كَانَتْ الْأَمَةُ الْمَبِيعَةُ ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ فَلَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَذَّلِ فِي الْمَبْسُوطِ لِأَنَّهَا لَمْ تُشْتَرَ لِلْوَطْءِ فَلَا يَثْبُتُ فِيهَا حُكْمُ الْمُوَاضَعَةِ، وَهَذَا مَعْنًى صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْوَخْشَ لَمْ يُثْبِتْ فِيهَا حُكْمَ الْمُوَاضَعَةِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ الْمَقْصُودُ مِنْهَا الْوَطْءَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ لَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُوَاضَعَةَ إنَّمَا هِيَ خَوْفُ الْحَمْلِ وَتَوَقُّعُهُ فَإِذَا كَانَ حَمْلُهَا ظَاهِرًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ فَلَا يَصِحُّ الرَّدُّ بِهِ وَلَا الْتِزَامُهُ بِهِ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ اشْتَرَى جَارِيَةً ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ مِنْ نَفْيِ الْمُوَاضَعَةِ، ثُمَّ انْفَشَّ الْحَمْلُ وَظَهَرَ أَنَّهَا حَامِلٌ فَإِنَّهَا لَا تَرْجِعُ إلَى حُكْمِ الْمُوَاضَعَةِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِأَنَّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ بِعْتُك حَامِلًا وَلَا أَدْرِي مَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَقُولَ بِعْتُك مَا جَازَ لِي فِيهِ الِانْتِقَادُ، وَقَدْ انْتَقَدْت.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا فَلَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا مِمَّنْ لَا يُتَّقَى عَلَيْهَا الْحَمْلُ فَلَا تَجِبُ فِيهَا مُوَاضَعَةٌ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمُوَاضَعَةِ لِمَا يُتَّقَى مِنْ الْحَمْلِ عَلَيْهَا، فَإِنْ كَانَتْ تُوطَأُ وَلَا يَحْمِلُ مِثْلُهَا فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا الْمُوَاضَعَةُ، وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَنْ يَصِحُّ وَطْؤُهَا لَا يَكَادُ أَنْ يَتَمَيَّزَ وَقْتُ تَجْوِيزِ الْحَمْلِ عَلَيْهَا فَاحْتِيطَ لِذَلِكَ كَمَا اُحْتِيطَ بِالْعِدَّةِ مِنْ الْوَفَاةِ فِي حَقِّ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تَحْمِلُ لَمَّا لَمْ يَتَمَيَّزْ ذَلِكَ، وَوَجْهُ قَوْلِ مُطَّرِفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ إذَا اُتُّفِقَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَحْمِلُ فَلَا مَعْنَى لِلْمُوَاضَعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي حُكْمِ الْأَمَةِ فِي مُدَّةِ الْمُوَاضَعَةِ] ١

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي حُكْمِ الْأَمَةِ فِي مُدَّةِ الْمُوَاضَعَةِ، وَأَنَّ ضَمَانَهَا مِنْ الْبَائِعِ) وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ نَفَقَتُهَا وَجَمِيعُ مُؤْنَتِهَا وَالسُّنَّةُ فِي ذَلِكَ أَنْ تُوضَعَ عَلَى يَدِ امْرَأَةٍ، وَقَالَ أَشْهَبُ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ تَكُونُ امْرَأَةً عَدْلَةً، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي حَيْضَتِهَا وَيُمْكِنُهَا النَّظَرُ إلَيْهَا، وَإِنْ وُضِعَتْ عَلَى يَدِ رَجُلٍ أَجْزَأَ ذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ عِيَالٌ يَنْظُرُونَ إلَيْهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَا لَحِقَ الْأَمَةَ فِي مُدَّةِ الْمُوَاضَعَةِ مِنْ مَوْتٍ أَوْ نَقْصِ جِسْمٍ فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ وَلِلْمُبْتَاعِ فِي الْمَوْتِ إمْسَاكُ الثَّمَنِ وَارْتِجَاعُهُ إنْ كَانَ أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ وَفِي النَّقْصِ خِيَارُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَوْ الْإِمْسَاكِ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جَسَدِهَا كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ فَجُمْهُورُ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّ لَهُ الرَّدَّ بِذَلِكَ وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ لَا يَرُدُّهَا بِهِ وَجْهُ قَوْلِ الْجُمْهُورِ أَنَّ هَذَا لَوْ كَانَ أَقْدَمَ مِنْ أَمَدِ التَّبَايُعِ لَرُدَّ بِهِ فَإِذَا حَدَثَ فِي مُدَّةِ الْمُوَاضَعَةِ كَانَ لَهُ الرَّدُّ بِهِ كَنَقْصِ الْجِسْمِ، وَوَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا يَمْنَعُ الْبَائِعَ بَيْعَهَا؛ لِأَنَّهَا مَتَى أَرَادَتْ الْبَقَاءَ عِنْدَهُ أَحْدَثَتْ مِثْلَ هَذَا فِي مُدَّةِ الْمُوَاضَعَةِ فَتُرَدُّ عَلَيْهِ وَمَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَجَبَ أَنْ يُمْنَعَ مِنْهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَا حَدَثَ لَهَا مِنْ مَالٍ بِهِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ عَطِيَّةٍ فَهُوَ لِلْبَائِعِ إنْ كَانَ لَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُ مَالَهَا؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>